مزارات سيناء الإسلامية.. قلاع ومساجد ومقامات صوفية على أرض الفيروز
عندما تقرر قضاء إجازتك في سيناء، فيجب أن تفكر في أماكن سياحية مختلفة عن المعتاد، مثل زيارة المعالم الأثرية الإسلامية التي تمتلئ بها سيناء، من قلاع وحصون ومساجد تاريخية، تعود لعصور مختلف؛ بل هناك معالم أثرية تعود للعصر الفرعوني واستمرت حتى العصور الإسلامية في تمازج حضاري عجيب.
جهز بعض الملابس المريحة وحذاء رياضي، وبعض المأكولات الخفيفة، واستعد للكثير من المرح، في هذه الأماكن.
جزيرة فرعون وقلعة صلاح الدين
إذا أردت الاسترخاء وسط الطبيعية الصحراوية في سيناء، فعليك بالذهاب إلى جزيرة فرعون بخليج العقبة؛ والتي تحيط بها المياه والجبال إلى ما لا نهاية، والتي بنى عليها صلاح الدين قلعة لحماية حدود البلاد.
هناك أشياء يجب أن تجهزها قبل الخروج من الفندق؛ وهي ملابس للسباحة، وبدلة للغوص، وكاميرا جيدة أو كاميرا الموبايل، وعدسة مكبرة.
الذهاب للجزيرة سيكون في رحلة بحرية؛ وقبل الصعود للقارب يجب أن تسأل عن برنامج الرحلة، لتعرف إذا كنت ستحضر معك بعض الأطعمة الخفيفة أم لأ، لأنك ستقضي بالجزيرة وقتا طويلا؛ فبعض الرحلات توفر وجبة غذاء والبعض لا.
عندما تصل إلى الجزيرة سيكون أمامك الكثير من الأنشطة لممارستها؛ السباحة والغوض والاستمتاع بمظهر الشعب المرجانية والأسماك. التقط بعض الصور لنفسك في قاع المياه إذا كانت الكاميرا لديك مقاومة للماء.
وعندما تدخل إلى قلعة صلاح الدين؛ اترك نفسك مع تفاصيل المكان، فأنت تقف في مكان عتيق تعاقبت عليه العصور، الفرعونية والرومانية والإسلامية، فقد كانت تبنى فيه القلاع والحصون لحماية حدود مصر.
بعد أن تجلس لتتأمل تفاصيل المكان، أخرج الكاميرا والتقط لنفسك الكثير من الصور المدهشة، لا تدع الوقت يمر كثيرا، فالصور تكون أفضل في هذه القلعة في وقت النهار.
يمكنك أيضا ممارسة الاسترخاء على الشاطئ، فأمامك المياه المفتوحة التي ترى من خلالها حدود أربع دول هي مصر والسعودية والأردن وفلسطين؛ أخرج العدسة المكبرة واستمتع بالتفاصيل.
جامع المصطفى بشرم الشيخ
عندما تذهب إلى مدينة شرم الشيخ؛ فيجب أن تخصص وقتا لزيارة جامع المصطفى، أشهر مساجدها وأقربها إلى قلوب أهلها.
فبمجرد أن تقترب من الجامع سيأخذك سحر المكان الذي ينقلك بين العصور القديمة والحديثة في لمح البصر. رائحة البحر القريب وهواءه المنعش ترد الأنفاس، مع حديقة واسعة تحيط بالمسجد وتحتوي على أكثر من 140 نخلة و85 شجرة سدر، وعواميد وتحف فخارية تتناثر في الحديقة، لتعطي المكان طابعا أثريا عتيقا. مكان ممتاز لالتقاط الصور أو «فوتو سيشن».
أما تصميم المسجد فهو مبني على الطراز الفاطمي.اترك نفسك مع تفاصيل المكان، وتأمل البناء الضخم بالقباب والمآذن الشاهقة. النقوش البديعة التي تملأ السقوف والقناديل العتيقة تتدلى منها. العواميد الخشبية المنحوت عليها آيات القرآن، والنوافذ الخشبية التي تشبه المشربيات في الزمن الجميل.
لا تدع هذه التفاصيل الجميلة تأخذ كل وقتك، وتحدث مع مرتادي المسجد وخصوصا أهالي شرم الشيخ أنفسهم، سيخبرونك قصصا جميلة هي السبب في تعلقهم بالمسجد. لقد بنوه من تبرعاتهم الخاصة، حتى إن عمال البناء كانوا يتبرعون برواتبهم.
المسجد ضخم ومتسع للغاية، وعندما تشعر بالتعب من كثرة التجول والتصوير؛ اجلس قليلا في مكتبة المسجد؛ التي تمتليء بكتب تشرح مبادئ الدين الإسلامي بكل اللغات وتوزع على السائحين والأجانب بالمجان.
قلعة العريش
دعك من البحر والرمال هذه المرة، واذهب في جولة داخل مدينة العريش وأحيائها الشعبية؛ ستبتعد كثيرا عن المزارات السياحية؛ حتى تصل إلى قلعة العريش أو بمعنى أدق بقايا القلعة.
عندما تصل للقلعة جهز نفسك لالتقاط بعض الصور، فهنا أنقاض قلعة تعود إلى عصر الفراعنة، وكانت مقرا للحكم وتأمين حدود البلاد في عصر الدولة العثمانية.
تجول بحذر بين الأنقاض وتأمل النقوش، ربما تجد هنا حجرا بنقوش فرعونية، وهناك حجرا بنقوش إسلامية. ألا يستحق هذا المنظر أن تخلده بصورة جيدة؟
ربما لن يسعفك الحظ لتتجول داخل القلعة المتهدمة، لكن سيكون بإمكانك الجلوس قليلا وتأمل كيف تعاقبت الأزمان على القلعة، منذ الفراعنة وحتى دمرتها الحرب العالمية الثانية. هنا تحت قدميك خندق تحت الأرض يوصل إلى البحر وكان يستخدم لنقل الجنود للسفن الحربية في الخفاء!
عندما تنتهي من جولتك، ستتمشى بعض خطوات إلى الجامع العباسي القريب. يمكنك أن تأخذ استراحة قليلة وتجرب الصلاة هناك.
إذا كانت زيارتك للمكان في يوم الخميس، فيجب ألا تفوت زيارة سوق الخميس الشعبي، الذي يحظى بأهمية كبيرة، فقد كان سوقا تاريخيا يتجمع فيه أهالي العريش لتبادل السلع عندما كانوا يعيشون في شكل قبائل، ولا تنس أن تتحدث إلى هؤلاء الأهالي فهم يرتبطون ارتباطا وثيقا بتاريخ القلعة، ويحزنون للإهمال التي تتعرض له، فهي الأثر التاريخي الوحيد المتبقي لهم. سيحكون لك الكثير من القصص حول سكان القلعة وأهالي العريش الذين يرجع أصولهم لأمراء القلعة أو العاملين بها.
المسجد المكشوف برأس الجندي
لا يجب أن تذهب إلى جنوب سيناء، وتفوت زيارة مدينة مثل رأس سدر وقلعتها الشهيرة «رأس الجندي». حتى تصل إلى القلعة يجب أن تجهز نفسك جيدا لصعود التل المقامة عليه.
ويجب أن تعلم أيضا زيارة القلعة ستكون أفضل في الصباح الباكر، حتى تسطيع التجول بحرية ورؤية تفاصيل المكان، مع التقاط بعض الصور، فالزيارة بالظهيرة مع أشعة الشمس، ستكون مرهقة للغاية.
في كل خطوة ستصعدها نحو القلعة ستسحضر معك كيف بنى صلاح الدين الأيوبي القلعة فوق تل شديد الانحدار، ليصعب تسلقها، وليحميها من الأعداء ويحمي بها حدود البلاد من الصليبيين وطريق الحجاج.
وخلال جولتك الأولى بالقلعة؛ ابحث عن المسجد المكشوف، وهو مسجد مكشوف بناه صلاح الدين لصلاة التراويح والعيدين؛ التقط لنفسك الصور في هذا المكان الفسيح.. يمكنك أيضا أن تجلس قليلا أو تجرب الصلاة فيه وسط هذه الأجواء التاريخية.
في اتجاه القبلة ستجد جدارا منقوش عليه بعض الآيات القرآنية، ستجد بقايا مسجد آخر ومئذنة ضخمة، كانا للجامع الكبير بالقلعة الذي تقام فيه الصلوات يوميا.
إن كنت من هواة العمارة الإسلامية فلا تنس أن تلتقط الصور لمكتبة القلعة التي بناها صلاح الدين بجدار القبلة. هناك أيضا صهاريج المياه التي تحمل المياه العذبة من المناطق القريبة. يطل من خلفة الجبل والصخور في مظهر طبيعي بديع يوحي بالمهابة.
مسجد الصحابة بشرم الشيخ
في المرة الأولى التي ستقع فيها عينك على مسجد الصحابة، لن تسطيع أن تترك الكاميرا من يديك. المسجد تحفة معمارية، يحتضنه الجبل والصخور، وتتألق فوقه القباب الذهبية والفضية، مع أعمدة تأخذ طابعا فرعونيا، ونوافذ زرقاء زاهية تتلألأ مع القباب اللامعة وتصميم المكان.
ومع هذا التصميم الحديث، ستدخل إلى الجامع لتجد تصميما تاريخيا يشعرك كأنك في أحد الجوامع الأثرية بشارع المعز؛ الجدران الهائلة بأحجارها الكبيرة، الممارات الضيقة، والقناديل النحاسية التي تتدلى من السقف، وأشعة الشمس تتسلل من نهاية الممر. مكان مناسب للتصوير.
وعندما تدخل إلى ساحة الصلاة فاجلس هناك للتأمل ولتسحن طاقتك الروحية، فهي لوحة فنية أخرى، مليئة بالنقوش والقناديل والألون الدافئة.
عندما تنتهي من التجول في المسجد فاذهب إلى السوق القديم الذي يحتضن سفح الجبل هو الآخر، وهناك ستجد كل شيء من مطاعم وكافيهات ومقاهي بلدية، ومحلات، والأسعار هناك في حدود المعقول وليست مرتفعة.
مقام الكيلاني
وإذا كنت من عشاق الصوفية، فخصص يوميا لزيارة مقام الكيلاني أو «الجيلاني»، بمدينة طور سيناء، والذي خصصه أهالي سيناء لقطب الصوفية عبد القادر الجيلاني.
الجامع صغير وهادئ، وربما لا تستغرق زيارته أكثر من ساعة، فلا مانع من أن تنطلق بعدها لدير سانت كاترين القريب.
يجب أن تكون من عشاق التفاصيل حتى تستمتع بهذه الرحلة. تأمل هذا المسجد الذي شارك في بناءه عمال مسيحيون، أشهرهم رجل يدعى «بنيوتي جريجوري».
فقط اجلس وتأمل، وستشعر في المسجد بالهدوء وتتجدد طاقتك الروحانية؛ في هذا البناء الأثري مع الفرش البسيط للجامع، مع الحديقة والنباتات المحيطة بالمقام. لا تنس أن تلتقط بعض الصور مع المظهر الخارجي للجامع.
تذكر أن جامع الكيلاني هو المقام الوحيد في سيناء، ولا تنس أن تجلس مع أهل البلد، لتستمع إلى حكاياتهم العجيبة حول بناء هذا المقام وكراماته.
قلعة نخل
جهز بعض الملابس المريحة وحذاء رياضي وكاب ونظارة شمسية؛ وانطلق إلى مدينة نخل التي كانت يوما ما عاصمة سيناء في الماضي البعيد.
ستساعدك هذه الملابس المريحة على تسلق المرتفع الذي تقع فوقه قلعة نخل الشهيرة. لا تتسرع واصعد على مهل، واستمتع بهذا المنظر البديع. الرمال الناعمة، والقلعة التي تتوسط الجبل والنخيل. يمكنك بالطبع أن تلتقط الكثير من الصور في هذه الحالة.
وإذا كنت من محبي فن المعمار الإسلامي، فلابد أنك ستستمتع كثيرا بتفاصيل المكان. هنا خمسة أبراج عالية تحيط بالقلعة وتحصنها، استراحة للحجاج المصريين؛ النقوش التي تزين الجدران والآيات القرآنية، هناك أيضا بداخل القلعة بئر لجلب المياه العذبة. تأمل كل هذا وتخيل كيف كانت الحياة بالقلعة عندما بناها السلطان المملوكي قنصوة الغوري، وكيف استمرت حتى العصر العثماني.