معارك المنصورة.. المدينة التي قهرت الغزاة قديما وحديثا
لمدينة المنصورة نصيب من قصص الانتصارات والبطولات برا وجوا، فكانت أرضها مقبرة لجيش لويس التاسع، وسمائها مقبرة لطائرات الفانتوم الإسرائيلية فى 14 أكتوبر 1973.
معركة الصليبيين
تعالت الأصوات منادية بخروج حملة صليبة جديدة للاستيلاء على بيت المقدس من أيدي المسلمين.
انفرد لويس التاسع ملك فرنسا بحماسه للخروج في تلك الحملة الصليبية واختاره مجمع ليون قائدا للحملة، ووضع الخطط والترتيبات اللازمة لغزو مصر قاصدا مدينة دمياط التي وصلها فى يوم 4 يونيه 1249.
تنبه الملك الصالح أيوب بخطة لويس التاسع، فأمر بتكليف الأمير فخر الدين ابن شيخ الشيوخ بقيادة الجيش والوقوف على البر الغربي لفرع دمياط لمنع القوات الصليبية من النزول إلى البر.
واضطر الأمير فخر الدين للانسحاب بقواته ليلا إلى الضفة الشرقية متراجعا إلى دمياط ومنها إلى أشموم طناح.
وعسكرت القوات الصليبية في مواجهة قرية جديلة وأصبح البحر الصغير يفصل بينهم وبين المسلمين.
واستقر رأى لويس على بناء جسر لعبور الضفة الأخرى ومهاجمة القوات المصرية، إلا أن شدة التيار الذي نتج عن توسيع المصريين البحر من ناحيتهم بمقابلة الجسر أفسدت مراحل بنائه، مما أدى لتخليهم عن فكرة البناء.
لكنهم سرعان ما اكتشفوا مخاضة في البحر الصغير تمكنهم من العبور.
أحداث المعركة
أمر لويس بعبور الفرسان للضفة الأخرى على ثلاث وحدات كبرى وورائهم فرقة من الخيالة الملكية يكون هو قائدها لحماية قوات الجيش من الخلف.
عبرت الخيالة الصليبية وفاجأت المعسكر المصري.
وتابعت القوات الصليبية تعقب القوات المصرية في مدينة المنصورة على أمل تحقيق النصر النهائي.
أسندت قيادة الجيش المصري للأمير ركن الدين بيبرس البنداقداري بعد مقتل فخر الدين، فأمر بيبرس بمنع الحركة والتجوال داخل مدينة المنصورة، وجعل رجاله يأخذون مواقعهم عند تقاطع الشوارع والاختفاء في كمائنهم حتى صدور إشارة بالحركة والهجوم.
بدأت الثلاث وحدات الصليبية الدخول إلى المدينة بدون مقاومة، وظنوا أن القوات المصرية قد انسحبت منها مما شجعهم على الانتشار في الشوارع وأزقتها.
ومع اقتراب جيش القوات الصليبية من القصر السلطاني، أعطى الأمير بيبرس إشارة الهجوم، فانقض عليهم المماليك من الشوارع الجانبية، فعمت الفوضى والاضطراب صفوفهم وحاولوا الفرار.
دار ابن لقمان.. هنا سجَن أهل المنصورة لويس التاسع
لويس التاسع في قبضة شعب المنصورة
وبفضل التعاون بين المماليك والأيوبيين ومجموعة من المقاومة الشعبية من المدنين الذين استخدموا الأحجار والأخشاب في رمى الصلبيين، تم القضاء على معظم الجيش الصليبي.
كانت فرقة الخيالة الملكية بقيادة لويس التاسع على وشك عبور البحر الصغير قبل أن تعلم بما حدث، لكن فرقة من الخيالة المصرية هاجمتهم وأصابت عدد كبير منهم.
وقررت الحملة العودة إلى دمياط بعد انقطاع الإمدادات عنها وفقدانهم القدرة على القتال، فتم رفع المعسكر الصليبي يوم 5 أبريل 1250.
وتعقبهم الجيش المصري وطوق الجيش الصليبي بالقرب من فارسكور وتم أسرهم جميعا بمن فيهم لويس التاسع ملك فرنسا، الذى سيق مكبلا بالأغلال إلى مدينة المنصورة، وسجن فى دار القاضي فخر الدين بن لقمان.
معركة المنصورة الجوية
سطرت مدينة المنصورة ملحمة أخرى في حرب أكتوبر وبالتحديد يوم 14 أكتوبر 1973.
حاولت القوات الجوية الإسرائيلية تنفيذ هجوم كبير على مطارات دلتا النيل بالمنصورة، وطنطا، والصالحية، لأنها كانت مركز انطلاق الطائرات المصرية التى تعمل على تنفيذ الهجمات وقت الحرب في قلب سيناء وعلى الشاطىء الشرقي لقناة السويس.
وجه الاحتلال الإسرائيلي 120 طائرة مقاتلة من طراز الفانتوم والميراج، والتي فاقت المقاتلات المصرية البالغ عددها 62 طائرة مقاتلة بالإمكانيات التي تمثلت فى الردارات وعدد الصواريخ والمتفجرات التي تحملها الصواريخ، بالإضافة إلى أنها محملة بكمية من الوقود الذى يتيح لها القتال لمدة 4 ساعات متواصلة، فى حين أن المقاتلات المصرية من طراز «ميج 21» لا تستطيع الطيران لأكثر من ساعة.
أسطورة المعارك الجوية
ودارت المعركة واستمرت لمدة 53 دقيقة وهو وقت زمني قياسي للمعارك الجوية.
وكانت المقاتلات المصرية تعود عدة مرات إلى المطارات لملء خزانات الوقود وتعود مرة أخرى للاشتباك في المعركة.
وانتهت المعركة بإسقاط 17 طائرة مقاتلة إسرائيلية واستشهاد 7 طيارين مصريين.
وشهد يوم 14 أكتوبر ملحمة جوية في سماء مدينة المنصورة، لتنصرت القوات الجوية المصرية، واتخذت مصر من هذا اليوم عيدا للاحتفال بالقوات الجوية.
وذكر اللواء طبيب محمد رضا محمد عوض، في مقال نشر له في الأهرام اليومي «أن أهم مايميز الجانب المصرى عن نظيره الإسرائيلى، أن الطيارين والطائرات المصرية كانت مدعومة بموظفي الصيانة ومحطات القيادة، والسيطرة والتوجيه الأرضي لأن المعركة كانت فوق الأراضي المصرية في دلتا النيل».