يوم الدين.. فيلم مصري يكشف المجتمع أمام مهرجان كان السينمائي
هل تذكر الطفلة فيروز في فيلم «دهب» حين كادت تموت في الشوارع من البرد لولا أن وجدها أنور وجدي العازف الفقير وأنقذها؟، ليحكي الفيلم عن هذه العلاقة الإنسانية بين شخص كبير ناضج وطفل هش ضعيف.
نفس الفكرة جاءت بشكل أكثر سوداوية في الفيلم المصري «يوم الدين» الذي ينافس على جائزة «السعفة الذهبية» في مهرجان «كان» السينمائي لهذا العام في دورته رقم 71.
المرض اللعنة
قصة الفيلم عن شخص مسيحي يدعى «بشاي» كان مصابًا بالجذام وشفي منه، لكن أثر المرض ما يزال عالقًا بملامحه وجسده، فجلده مجعد مشوه كالقماش المكرمش وأصابعه مفقودة، وقد اعتبر الأقدمون مرض الجذام لعنة إلهية في الماضي.
يعمل «بشاي» في جمع القمامة، وبعدما توفيت زوجته المختلة عقليًا، يقرر أن يبدأ رحلته إلى جنوب مصر باحثًا عن بقية أهله الذين أهملوه في صغره، فينطلق وحيدًا على عربة «كارو» يجرها حماره «حربي».
هنا يرسل القدر رفيقًا جديدًا، طفل نوبي فقير يدعى «أوباما» يصر على مشاركة «بشاي» المجذوم في رحلته، وهكذا تبدأ مغامرة البحث من شمال البلاد إلى جنوبها، بين المريض الكبير والصغير السليم.
مخاطر معروفة
خلال رحلة الصديقين، يمران بالعديد من المشاكل والمخاطر، منها الجوع والجهل بالطريق ومهاجمة قطاع الطرق، حتى الحمار يموت، ويتعرض الطفل «أوباما» لحادث يلزمه دخول المستشفى.
والأهم من هذا كله، منظر «بشاي» المخيف الذي يعتبره العامة وصمة عار، فيتعرض للمعاملة السيئة في القطار وقسم الشرطة حتى صاح في النهاية «أنا إنسان».
ورغم كل الصعوبات، يظهر الأمل في أشخاص يقدمون المساعدة والعون لبطلي الرحلة، معظمهم من المتسولين وذوي الاحتياجات الخاصة، وكأن الفقير يشعر بزميله في الفقر والحاجة.
يوم الدين
مر الفيلم على بعض مشاكل المجتمع المصري من وجهة نظر صناعه، كالعنصرية والفساد وإهمال النظافة، وحاول البحث عن الجمال في كل هذا الواقع السوداوي.
هناك أكثر من موقف كوميدي، مثل أهرامات أخرى في مصر غير المعروفة وقد تكون من القمامة مثلاً، كما رصد الفيلم حقائق عن مرض الجذام، فهو ليس معديًا كما يظن الناس.
وحين صلى الطفل «أوباما» في المسجد، رافقه «بشاي» المسيحي وصلى بجواره كأنه أخوه في الإنسانية، وقال له جملة الفيلم الأيقونية «لن نصبح متساوين إلا في يوم الدين».
الفيلم الأول
مخرج الفيلم «أبو بكر شوقي» نمساوي مصري درس السينما في نيويورك، قرر أن يسجل الواقع المصري كما يراه، فلا داعي للمزيد من الآثار الفرعونية على بطاقات المعايدة.
بطل الفيلم في الأصل مريض جذام حقيقي وليس ممثلاً معروفًا، عرفه المخرج حين عمل قبل عشر سنوات على فيلم وثائقي بعنوان «المستعمرة» عن تجمع مرضى الجذام في مستعمرة أبي زعبل.
أنتجت الفيلم جهات عديدة، منها المخرج نفسه والمصرية من أصل أمريكي دينا إمام والمنتج المصري محمد حفظي، كما أنه الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه الشاب الذي كتب السيناريو أيضًا.
قبول كبير
لاقى الفيلم ترحيبًا كبيرًا عند عرضه في فعاليات مهرجان «كان» وظل الجمهور يصفق بعد انتهائه.
أشاد العديد من صناع السينما في مصر به، مثل السيناريست محمد دياب الذي وصف الفيلم بواجهة المهرجان، وكذلك المخرج عمرو سلامة حين ذكر أن إنجاز مخرج الفيلم في السينما لا يقل عن إنجاز محمد صلاح في كرة القدم.
ينتهي مهرجان «كان» يوم 19 مايو 2018، ويطمح صناعه في فوز الفيلم بجائزة المهرجان، لأنه سيكون نصرًا كبيرًا للسينما الشبابية والمستقلة بعيدًا عن شركات الإنتاج الضخمة.