حكايات إيسوب الحكيم.. خذ الحكمة من رأس الذئب الطائر
من المؤكد أنك خلال حياتك قد سمعت واحدة من قصص الحكيم الإغريقي «إيسوب» والتي تدور عادة بين الحيوانات، وتحمل المغزى والفكرة والفكاهة، وأشهرها حكاية الأرنب والسلحفاة.
هذه الحكايات الشهيرة تحدثت عن كل شيء، الموت والحياة، الحب والكره، القوة والضعف، في دروس يتعلمها الإنسان طيلة عمره.
في هذا التقرير من «شبابيك» ستتعرف على عدد من قصص الحكيم الإغريقي «إيسوب» والتي ربما لم تسمع عنها من قبل.
رأس الذئب الطائر
خرج الأسد والثعلب والذئب للصيد معًا، وحصلوا على حمار وحشي وأرنب وغزال، سأل الأسد زميليه: كيف نقسم غنائم الصيد؟ فأجابه الذئب بأن الغزال له، والحمار الوحشي للأسد، والأرنب للذئب.
لم تعجب القسمة الأسد لأنها ستحرمه الغزال، لذا هوى غاضبًا بمخالبه على رأس الذئب ففصلها عن جسده، فطارت رأس الذئب بعيدًا وسأل الأسد هذه المرة الثعلب أن يقسم الغنائم بينهما.
فقال الثعلب ببساطة أن الغزال للأسد والحمار الوحشي للأسد والأرنب يتسلى به الأسد بين الوجبتين، فرح الأسد وسأل الثعلب معجبًا به:
- كم أنت حكيم! من علمك الحكمة يا ثعلب؟
فرد الثعلب بصدق:
- رأس الذئب الطائر يا مولاي، هذا ما علمني الحكمة.
تعليق
القصة وردت في كتاب «كليلة ودمنة» أيضًا، ودائمًا تُذكر عندما يخشى الإنسان أن يفعل شيئًا، بعدما يرى الجزاء القاسي لمن فعله قبله.
العجوز والموت
كان الحطّاب العجوز يحمل الحطب في الغابة بصعوبة، فقد أصابه التعب والإرهاق مع الشيخوخة، لذا ألقى بالحطب على الأرض في غضب ونادى على الموت ليأتي ويخلصه من عذاب الحياة ومشقتها. وهنا جاءه رجل غريب وقال له:
- أنا الموت وسمعتك تنادي، ماذا تريد مني؟
قال الحطاب:
- أريدك أن تحضر لي بلطتي من هناك لاستكمل العمل.
تعليق
القصة خرافية تصور الموت في شكل إنسان، والمغزى منها أن المرء منا يرجو الموت أحيانًا بسبب مشاكل عديدة، لكنه لا يعرف أن لديه الكثير من المزايا والنعم ويتذكرها حين يواجهه الموت فجأة.
الثعلب والعنب
مر ثعلب على شجرة عالية تتدلى منها عناقيد عنب شهية المنظر، وحاول أن يصل للعنب بكل طريقة، فراح يقفز ويدور حول الشجرة بلا فائدة، وفي النهاية ابتعد شاعرًا بالخيبة لكنه قال لنفسه
- هذا ليس عنبًا طازجًا، بل هو علقم مر.
تعليق
المغزى هنا في نقطتين:
- ألا يلوم الإنسان الظروف التي منعته من الوصول لهدفه، طالما أن هناك طرقًا أخرى لم يجربها حتى يصل.
- ألا يعيب الشيء الذي لم يحصل عليه رغم أنه يحبه، مثل الوظيفة أو الزوجة أو أي شيء فاته.
الذئب والكلب
زار الذئب الكلب في القرية، فوجده بصحة جيدة وقوة كبيرة، ولا يعاني الجوع أو المرض، فسأله الذئب عن السبب، أجاب الكلب أن السر في خدمته لسيده الإنسان.
فالكلب يحرس البيت والمواشي، كما يصحب سيده في الصيد ليحضر له الفرائس، وهكذا يطعمه سيده بوفرة ويحرص على راحته، كما أن لديه بيتًا خاصًا به.
قال الذئب لنفسه: لماذا لا أفعل مثل الكلب؟ وأتوقف عن مهاجمة الأغنام في الصحراء والغابات؟ لماذا لا أكون صديق الإنسان وأكف عن العواء الذي يخيفه؟ وهكذا قرر الذئب أن يصير كالكلب.
لكن الذئب لاحظ منطقة في عنق الكلب خالية من الشعر، فسأله إن كان مرضًا جلديًا أصابه، رد الكلب بأن هذا أثر الطوق الذي يضعه سيده في رقبته، حتى يتمكن من سحبه في أي مكان.
هنا عاد الذئب لغابته مزهوًا وقال لنفسه: لن أخدم الإنسان من أجل بقايا طعامه التي يلقيها لي بينما يقودني بحبل في رقبتي، الأفضل لي أن أطارد الفرائس في عشيرتي بشرف بدلاً من هز ذيلي لسيد يلقي لي بعظمة.
المغزى
حياة التعب والكد والمغامرة أكثر شرفًا من حياة الذل والهوان، كما أن الكلب يعيش حياته بلا تجديد أو إثارة ويتذلل لأجل طعامه، بعكس الذئب الذي يكسب قوت يومه بسعي وشجاعة.
الفلاحة ودلو اللبن
حلبت فلاحة فقيرة بقرتها، وحملت دلو اللبن على رأسها عائدة إلى بيتها، وراحت تتخيل ماذا يمكنها ان تفعل بهذا اللبن لتصير من أغنى الأغنياء؟
قالت لنفسها لو بعت هذا اللبن بثمن كبير فسوف اشتري بثمنه عددًا من الدجاج ذكروّا وإناث، وسأتركهم يتزاوجون حتى يصبح عندي مزرعة كبيرة من الدجاج تدر مالاً وفيرًا، وسأشتري أفضل الفساتين ليتهافت علي الشباب طالبين يدي، لكني سأهز لهم رأسي وأرفض في غرور.
وهزت الفتاة رأسها فسقط دلو اللبن وانهارت الأحلام كلها في غمضة عين.
المغزى
لا ينبغي أن نسرف في الأحلام ونتكبر، بينما لم نحقق شيئًا بعد على أرض الواقع، قد تنقلب أحلامنا علينا وتهلكنا.