ميجومي.. مهندسة مصرية في مهمة صعبة إلى كوكب اليابان

ميجومي.. مهندسة مصرية في مهمة صعبة إلى كوكب اليابان

لم تجد المهندسة المعمارية «ميجومي» فرصة عمل جيدة بعد التخرج مع ظروف ثورة 25 يناير 2011، ففكرت في تعلم لغة أخرى واختارت اللغة اليابانية التي تحبها بحُكم تعلمها للكاراتيه الياباني.

لم تمنحها اليابانية فرصة العمل ومعرفة ثقافة أخرى فقط، بل أعطتها الحب والزواج بالمهندس الياباني «ريوتا ياسو» ثم السفر إلى اليابان كي تنقل ثقافتها الجديدة إلى العرب من خلال قناتها «كوكب اليابان» على يوتيوب.

«شبابيك» حاور المهندسة المصرية «ميجومي» عن رحلتها وخبراتها، وكل ما تنصح به المصريين محبي اليابان أن يفعلوه إذا أرادوا السفر والدراسة.

عن الاسم والأسرة

ميجومي وزوجها الياباني

في البداية تشير «ميجومي» أن اسمها الأصلي في مصر هو «ميج» المأخوذ من كلمة Gem التي تعني جوهرة باللغة الإنجليزية، لكن حروف اسمها كانت معكوسة لتصبح Meg.

وعند سفرها لليابان قررت تغيير اسمها إلى «ميجومي» ليصبح أسهل نطقًا، وهي كلمة يابانية الأصل تعني «نعمة»، وبالنسبة للعائلة فوالدها مصري ويعمل مدربًا للكاراتيه والأم إيرانية، وقد تعرفت على زوجها الياباني في المعهد الذي درست به اللغة لتولد قصة الحب بينهما وبعدها الزواج والسفر.

عن دراسة اليابانية

تصف «ميجومي» دراستها لليابانية بالمهمة الصعبة خاصة في وقت الثورة وضعف الإماكنيات، فقد كانت تخطط لدراسة الأساسيات فقط ولكنها أدركت أن اللغة «بحر كبير» يجذبها ويدفعها للمواظبة.

لم يقتصر اهتمامها على تعلم قواعد الكتابة والمفردات، فهذا النوع كما تصفه «ميجومي» مجرد تعلم نظري يصلح للترجمة والأعمال الكتابية فقط، وقد أتقنته في 5 سنوات أثناء وجودها في مصر.

وهناك النوع الفعلي من تعلم اللغة في الحديث بطلاقة واستخدام اللغة كأهل اليابان أنفسهم بكل ما فيها من مصطلحات عامية ونكات ولهجات مختلفة، وما زالت «ميجومي» تتعلمه كل يوم حتى بعد السفر.

مميزات وعيوب اليابانية

ميجومي تحكي عن قلعة يابانية شهيرة ظهرت في فيلم The Last Samurai

تقول «ميجومي» إن اليابانية شبيهة باللغة العربية في أمور عديدة، وهذا يساعد كل من يترجمها إلى العربية في الحصول على نفس المعنى، فاليابانيون مثلاً لا يستخدمون ضمير المتكلم «أنا» كثيرًا كما يحدث في العرب، فيقولون: «أكلتُ الغداء» بدلاً من «أنا أكلتُ الغداء».

من مميزات اليابانية أيضًا أنها نادرة وتمنح صاحبها ميزة تنافسية، لكن المشكلة أنها اللغة الرسمية لدولة اليابان فقط، وهكذا تنحصر فرصة الانتفاع بها هناك، ولهذا تنصح «ميجومي» بتعلم مهارات أخرى إلى جانب اللغة كي تزداد الفرصة في استخدامها.

ماذا عن الدراسة والسفر إلى اليابان؟

توفر السفارة اليابانية سنويًا فرص البعثات الدراسية للمصريين، وتختلف الشروط من سنة لأخرى، لكن الموعد ثابت في إبريل من كل عام وتعلن فيه السفارة عن شروطها.

المفاجأة التي بشرّت بها «ميجومي» محبي اليابان أن التعامل باللغة الإنجليزية وحدها ممكن هناك، بسبب جهود الدولة في نشر المعلومات في المطاعم والأماكن العامة والمحلات باللغة الإنجليزية.

المفاجأة الأفضل أنها حين زارت برج «طوكيو سكاي» وجدت الموظفة تعطيها دليلاً إرشاديًا باللغة العربية حين عرفت أنها مصرية الجنسية، كما أنها وجدت بعض محلات السوبر ماركت تكتب الإرشادات بالعربية.

 لكن «ميجومي» تنبه إلى نقطة هامة، فالسفر السياحي أمره سهل، لكن الإقامة الدائمة في اليابان تستلزم إتقان اللغة لأن التعامل الحكومي كله بها، كما أن الأكلات في المطاعم كلها لأهل البلد، لذا على المرء أن يحاول التأقلم والصبر إذا أراد العيش في اليابان.

عن كوكب اليابان

ميجومي بالزي الياباني التقليدي

تصحح «ميجومي» الفكرة الشائعة بأن اليابان كوكب آخر بسبب ما فيه من تكنولوجيا عالية وكأن البشر هناك من عالم آخر غير بقية سكان كوكب الأرض، فالأمر ببساطة يعود إلى تاريخ اليابان وجغرافيتها.

اليابان مجموعة من الجزر لا تربطها حدود جغرافية مع أي دولة أخرى مما جعل أهلها منعزلين ومختلفين في لغتهم وطباعهم وثقافتهم عن بقية الدول التي لم يتأثروا بها بسبب هذا الانعزال الجغرافي.

ولهذا يمكن فهم مصطلح «كوكب اليابان» الذي ينتشر بين الناس، فاليابان كانت تبدو بالفعل كالكوكب المنفصل عن باقي العالم لفترة من الزمن، ومن الطبيعي أن يصبح لهم مميزات وعيوب مختلفة خاصة بهم وحدهم.

بين مصر واليابان

ترى «ميجومي» أن أكبر فرق بين المصريين واليابانيين هو طريقة التفكير والتعامل مع المصاعب، فالمصريون لديهم مشاكل أكثر من اليابانيين ولكنهم يسخرون منها بالنكتة ويحاولون الترفيه عن أنفسهم بمختلف الوسائل.

أما اليابانيون فمشاكل الحياة عندهم أقل من المصريين ومع هذا ينشغلون دائمًا بالتفكير في حل هذه المشاكل وتخطي الصعاب للحصول على حياة أفضل، وهكذا تختلف مصر عن اليابان في التعامل مع المواقف.

بالنسبة للمصريين والعرب الموجودين في اليابان فعددهم أقل من باقي الجاليات الأجنبية كالأسيويين، والأمريكيين، والأوروبيين، وترجع «ميجومي» السبب إلى بعد العلاقات السياسية لفترة طويلة واختلاف الثقافات.

وتشير إلى حب الشباب اليابانيين للاعب الكرة العالمي محمد صلاح لحسن خلقه وتواضعه، كما يعجب اليابانيين بالملكة الأردنية رانيا لأناقتها واهتمامها بالمرأة والطفل.

ماذا تفتقد «ميجومي» في مصر؟

تشعر «ميجومي» بالحنين إلى أشياء عديدة في مصر وأهمها الأكل، فرغم عشقها للأكل الياباني إلا أنها تفتقد الإفطار المصري المحبب من الفول، والطعمية، والشكشوكة، والجبنة الرومي، فكلها أكلات نادرة وباهظة الثمن في اليابان.

الشيء الآخر الذي ينقص «ميجومي» هو سرعة فوات الوقت مع كثرة الأعمال والانشغالات طيلة اليوم، كما تفتقد اللغة العربية والتحدث بها مع قلة العرب في اليابان.

عن قناة «كوكب اليابان»

تنقل «ميجومي» خبراتها كوسيط بين ثقافتين عن طريق قناتها «كوكب اليابان» للجمهور العربي، فقد عملت بالفعل في كتابة مقالات عن اليابان حين كانت في مصر، وحققت قناتها نجاحًا لافتًا باشتراك 110 ألف متابع خلال سنة واحدة.

وتنشر القناة دروسًا مجانية أيضًا لتعليم اللغة اليابانية من الصفر، كما تخطط «ميجومي» للتعريف بالثقافة المصرية والعربية في فقرات خاصة للجمهور الياباني، فهذا هو حلمها القادم.

نصيحة لكل مسافر إلى اليابان؟

تنصح المهندسة «ميجومي» كل زوار اليابان أن يتخلصوا من الصورة المثالية الزائدة عن اليابان، لأنها في النهاية دولة لها سلبياتها وإيجابياتها، ومن الأفضل أن يراها الزائر من منظوره لا من منظور الآخرين.

أما لو كانت الزيارة سياحية، فعلى السائح أن يحدد قائمة بالأماكن التي يرغب بزيارتها أولاً بغض النظر عن الترشيحات، وبالعربي تقول «ميجومي» قائلة: «زيارتك بتاعتك عيشها بطريقتك».

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة