«ستان لي» مخترع الأبطال الخارقين.. كيف حقق الملايين من اللاشيء؟
ربما تحب مشاهدة «الرجل العنكبوت» يطير بين ناطحات السحاب مطلقًا شباكه من يديه، أو تنبهر بقدرات الرجال إكس X-Men الخارقة من التحكم بالنار والحديد وغيرها، وتتابع مغامرات «الرجل الحديدي» ضد المتطرفين بمنتهى الشغف.
هل تعرف أن كل هذا الإبداع جاء من مخيلة رجل واحد اسمه «ستان لي»؟ والذي جعل من شركة «مارفل كوميكس» صرحًا عملاقًا يربح الملايين. في هذا التقرير نعرف كيف ابتكر هذا الرجل أبطاله ببساطة لا تخلو من عبقرية.
الرجل العنبكوت.. من ذبابة
كانت مهمة «ستان لي» صعبة حين التحق بالعمل في شركة «مارفل كوميكس»، فقد بدأ حياته فيها كموظف بسيط يساعد الرسامين ويحضر لهم غدائهم، ثم حصل على الفرصة لإثبات مهاراته سنة 1945 بعد إنهاء خدمته العسكرية.
التحدي الأكبر كان شركة عملاقة أخرى هي «دي سي كوميكس» التي تملك أهم شخصيتين في هذا المجال وهما «بات مان» و«سوبر مان» مما جعل منافسة هذه الشركة ببطليها أشبه بالخيال فعلاً.
وقتها فكر «ستان لي» أن يجرب جمهورًا آخر وهو الصبية والمراهقين، خاصة أنهم يحبون الكوميكس بشدة ولا يوجد بطل خارق منهم، ليأتيه الإلهام مع رؤيته لذبابة تسير على الحائط صاعدة إلى السقف.
هنا خطرت له فكرة الرجل العنكوت، فجعله طالبًا في المدرسة يلدغه عنبكوت ليصبح خارقًا يقذف الشباك ويتسلق الجدران، وبهذه القوة يعاقب زملائه المتنمرين ويحارب الجريمة فيما بعد، لتحقق الشخصية نجاحًا مبهرًا وتنافس الشركة الأخرى بجدارة.
الرجال X.. طفرة جينية
كل بطل خارق له طريقة معينة حصل بها على قوته الخارقة، فالرجل الوطواط يستخدم أسلحة متطورة جدًا لأنه غني فاحش الثراء، و«سوبر مان» قادم من كوكب آخر، كما أن «سبايدر مان» لدغه العنكبوت في المعمل أثناء التسرب الإشعاعي.
قرر «ستان لي» سنة 1963 أن يغير هذه القاعدة ليولد البطل الخارق بقوته دون تدخل أو سبب معين، فابتكر فريقًا كاملاً من الخارقين أسماهم الرجال X، وجعل قوتهم الخارقة لسبب بسيط يحدث في الواقع وهو الطفرات الجينية.
بينما يولد بعض البشر بصفات مختلفة تميزهم عن غيرهم في اللون مثلاً، قال «ستان لي» لنفسه سنتخيل أن البشر يولدون بقدرات خارقة، وأعلن أن الفكرة أعجبته لأنه لن يرهق نفسه بالبحث عن سبب قوة كل بطل من الرجال X، ونجحت الفكرة بشدة في الكوميكس والسينما أيضًا.
الرجل الحديدي.. من مكروه لمحبوب
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي ذروة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، فكر «ستان لي» في الاستفادة من هذه المرحلة الحرجة في عالم الكوميكس ببطل خارق جديد ينتمي لرجال الحرب.
لكن المشكلة أن الجمهور لن يتعاطف مع شخصية حربية تسبب المزيد من القتل والدم، فلجأ «ستان لي» إلى حيلة أخرى، بأن يجعل بطله صانع أسلحة مضطرًا لارتداء بدلة خاصة بعدما تعرض لإصابة حربية وإلا فسوف يموت.
هذه البدلة الحربية جعلت من بطله «الرجل الحديدي» الذي يحارب الإرهابيين ويتصدى لأعداء أمريكا نفسها، وبالتالي عشقه الجمهور بدلاً من أن يكرهه، حتى صار وزير الدفاع الأمريكي في قصصه الحديثة.
عرب كوميكس.. هنا تجد أهم القصص المصورة في العالم
كيف فعلها؟
لم يتوقف «ستان لي» عن ابتكار شخصياته الخارقة طيلة عمره، وكلها حققت نجاحًا باهرًا وشهرة كبيرة في مبيعات الكوميكس والسينما، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الرجل الأخضر، كابتن أمريكا، الأربعة المدهشون، ثور، دكتور سترانج.
ولم يكن العمل كله في يد «ستان لي» وحده، فقد رافقه العديد من الفنانين والرسامين والمؤلفين، إلا أن بنات الأفكار خرجت من مخيلته في الأساس، وفي أحد أقواله يشرح فلسفته في التفكير قائلاً: أحاول ألا أكرر أي شيء فعلته من قبل، فالكون كبير جدًا ومليء بالأفكار، كل ما عليك أن تبحث عنها.
يُذكر أن «ستان لي» ولد في نيويورك بأمريكا يوم 28 ديسمبر عام 1922، ورحل في 12 نوفمبر 2018.