سوبرمان.. عن علاقة البطل الخارق باليهود والحلم الأمريكي

سوبرمان.. عن علاقة البطل الخارق باليهود والحلم الأمريكي

رجل أسطوري، يطير في السماء كالصاروخ بين ناطحات السحاب، ليحارب الأشرار ويحقق العدالة بعضلاته المفتولة وقدراته الخارقة، هذا هو «سوبرمان» أشهر الأبطال الخارقين Superheroes وأسبقهم في الظهور.

لا يعرف الجمهور عن «سوبرمان» سوى أفلامه وقصصه المصورة، لكن تاريخ هذه الشخصية يحفل بالخبايا والمفاجآت والرمزيات كذلك، فهو أكثر من مجرد بطل خيالي كما ستعرف في هذا التقرير من «شبابيك».

كان شريرًا في الأصل كـ«هتلر»

سوبر مان شرير ؟

المعروف عن «سوبرمان» أنه يستغل قوته في الخير دومًا، لكن البداية لم تكن كذلك، فقد ظهر البطل الخارق سنة 1933 لأول مرة على أنه شرير طاغية يريد السيطرة على العالم كما فعل أعداؤه فيما بعد.

في قصته الأولى بعنوان «عهد الرجل الخارق» على صفحات مجلة Sience Fiction، كان «سوبرمان» يملك القدرة على التحكم في عقول البشر لتنفيذ أغراضه الشريرة، كما تخيله المؤلفان الأمريكيان «جيري سيجل» و«جو شاستر» وقتها.

الظهور الأول لسوبرمان الشرير سنة 1933

استوحى الكاتبان قصتهما من أفكار الفيلسوف الألماني «فريدريك نيتشه» التي مهدت فيما بعد للنازية التي اعتنقها أدولف هتلر، بأن الرجل الخارق أو «الإنسان الأعلى» هو المتحرر من كل القيود الدينية.

كما لعبت الأزمة الاقتصادية في أمريكا خلال الثلاثينات من القرن الماضي دورًا هامًا في ولادة «سوبرمان»، فقد شعر المؤلفان أن هذه الظروف من الفقر واليأس لا يمكن مقاومتها إلا برجل خارق مثل سوبرمان.

تعديل المسار

سوبر مان في طريقه إلى الأرض هربًا من دمار كوكبه، حسب التعديل الجديد للقصة

لم تنجح فكرة «سوبرمان» الشرير بسبب سوء التنفيذ، ليفكر المؤلفان في تغيير مسار بطلهما إلى الخير بدلاً من الشر، لكنهما قضيا 5 سنوات كاملة في محاولات إقناع دور النشر بقبول فكرتهما، ومن شدة اليأس أحرق أحد المؤلفين القصة ولم يستطع زميله إلا إنقاذ الغلاف فقط.

كانت القصة الجديدة هي المعروفة حاليًا، وفيها ولد «سوبرمان» على كوكب «كريبتون» الموشك على الانفجار، ولكن والداه يرسلاه إلى كوكب الأرض في آخر لحظة ليتبناه رجل وزوجته، ويكتشف الصغير أن قوته خارقة بالنسبة لباقي البشر، فيقرر تسخيرها لخدمة الخير مرتديًا بدلة البطل الخارق المعروفة مع حرف S كبير على صدره.

الظهور الأول لسوبرمان الطيب سنة 1939

بعد أعوام الخيبة الطويلة يبتسم الحظ أخيرًا للمؤلفين ولـ«سوبرمان» الطيب في عام 1938 ليظهر على صفحات مجلة «أكشن كوميكس Action Comics» ويحقق نجاحًا منقطع النظير دفع النقاد إلى إعطاء هذا العدد من المجلة 6 نجوم من خمسة!

ظهرت لـ«سوبرمان» مجلة مستقلة باسمه بعد أقل من عام، وأصبح عالمه شديد التعقيد، لكن عشق الجمهور للشخصية ظل في ازدياد حتى ظهرت لها عدة مجلات أخرى، وظلت تدر الملايين في القصص المصورة والأفلام والراديو طيلة 50 عامًا.

الحلم الأمريكي أم اليهودي

سوبر مان بين النظرية النقدية كأمريكي ويهودي

يربط النقاد أحيانًا بين هجرة «سوبرمان» من كوكبه إلى الأرض، وهجرة الأمريكيين الأوائل من كل أنحاء العالم إلى أمريكا الشمالية لينشروا فيها الحق والخير والتقدم حسب رأيهم، خاصة المهاجرين من أوروبا التي مزقتها الحروب الدينية.

لاحظ الكثيرون أيضًا أن ملابس «سوبرمان» نفسها مأخوذة من ألوان العلم الأمريكي، كما أنه يحل كل المشاكل بقوته سواء في أمريكا أو في باقي دول الأرض وهكذا صار «سوبرمان» يمثل الحلم الأمريكي نفسه في سيادة العالم.

رأي نقدي آخر يقارن بين نجاة «سوبرمان» من دمار كوكبه ونجاة النبي موسى (عليه السلام) من ظلم فرعون، خاصة أن مؤلفي «سوبرمان» يهوديان في الأصل، كما أن اسم البطل الأصلي في كوكب كريبتون يدعى «كال - إل» والتي تعني بالعبرية (تجسيد الإله) وما يقوي هذه الفكرة أن قوى «سوبرمان» في بداية ظهوره كانت تقترب - حسب وصف النقاد - من قدرات الآلهة!

موت «سوبرمان»

غلاف العدد الذي مات فيه سوبر مان

منذ انطلق «سوبرمان» في سماء الفن ولم يخفت بريقه إلا ليملع من جديد، فقد اهتم المؤلفون والرسامون بالشخصية ومنحوها كل طاقتهم بأفكار خلاقة جديدة كلما قلت مبيعات القصص، وفي عام 1992 قرر القائمون على «سوبرمان» أن يقتلوه بأنفسهم لرفع المبيعات.

في قصة «موت سوبرمان«The Death of Superman   يصل إلى الأرض وحش فضائي بالغ القوة والبشاعة، فقد كان هو العدو المختار للقضاء على «سوبرمان» حتى أن المؤلفين أسموه «يوم القيامة Doomsday» وبالفعل يدخل الوحش في معركة مع بطل الأرض الخارق تنتهي بموت الاثنين.

أخبار موت سوبرمان في الصحافة 

حقق هذا العدد من مجلة «سوبرمان» أعلى إيرادات في تاريخ الكوميكس الأمريكي، بل تحول الأمر إلى حداد حقيقي تتناوله وسائل الإعلام بوفاة «سوبرمان» رمز أمريكا، وارتدى العديد من الناس شارات الحداد على بطلهم القومي.

تظهر هنا نظرية أخرى تقول بأن أمريكا في الواقع قد أصبحت بالفعل سنة 1992 سيدة العالم، وهكذا لم يعد لـ«سوبرمان» فائدة بعد تحقق الحلم الأمريكي، فكان لابد من قتله! إلا أن البطل الخارق عاد من جديد في القصص التالية بحيلة درامية.

شخصية القرن تنسى صاحبيها

سوبرمان على غلاف مجلة Time العريقة في عيد ميلاده الخمسين

كان ظهور «سوبرمان» فاتحة خير لكل الأبطال الخارقين الذين أتوا بعده وفي مقدمتهم الشخصيتان الأشهر «باتمان» و«سبايدرمان» ثم المئات من بعدهم من الشخصيات التي تُخفي شخصيتها الحقيقة وتحارب من أجل الخير بقوتها الخارقة.

الغريب أن مؤلفي الشخصية الأصليين «جيري سيجل» و«جو شاستر» لم يحصلا على شيء يُذكر من نجاح بطلهما، لأن العقد بينهما وبين شركة DC Comics التي نشرت أولى قصص «سوبرمان» لم يسمح لهما بالمشاركة في الأرباح، بل طردتهما الشركة حين طالبا بحقهما.

ورفع المؤلفان قضية على الشركة استمرت 9 سنوات لتنتهي بتسوية مجحفة أخرى حصل المؤلفان بموجبها على 200 ألف دولار بلا أي أرباح أخرى في المستقبل، في حين ربحت الشركة الملايين وما زالت، ومؤخرًا بيع العدد الأول من مجلة سوبرمان بمبلغ 3.2 مليون دولار.

المصدر

  • *أرض الخيال.. ميشيل حنا *شخصيات خيالية.. إيهاب أحمد عمر *سوبر مان.. مجدي يوسف *الأشرار.. عمرو كامل و كريم طه و محمد الهمشرى

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة