معرض سور الأزبكية للكتاب.. محاولة لجلب الرزق
على دكة خشبية قديمة مسنودة على جدار مخرج مترو الأنفاق بمحطة العتبة، يعكف مصطفى هاشم، صاحب مكتبة تحمل الشطر الثاني من اسمه، على ترتيب كتبه، استعدادا لانطلاق مهرجان سور الأزبكية للكتاب النصف ثانوي، والذي يبدأ في الفترة من منتصف يناير الجاري، حتى 15 فبراير المقبل.
مصطفي وباقي رفاقه في السور الأشهر لبيع الكتب القديمة في القاهرة، يتوقعون حضورا ملحوظا من القراء، والباحثين عن كتب قديمة ونادرة، بعدما منعتهم الشروط التعجيزية بحسب وصفه، من المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الخمسين.
بلهجة حاسمة يقول مصطفى بعد أن وضع سطرا من الكتب على دكة أمام مكتبته، صنفها ضمن الكتب التي سيبعها بـ5 جنيهات، «نحن قبلنا كل شروط الهيئة المنظمة لمعرض الكتاب، رغم أنهم رفعوا السعر بالنسبة لتجار السوق، وجعلوا إيجار المتر لنا بـ 1200 جنيه، بينما دور النشر بـ950 جنيهًا فقط، لكن للأسف لم يسمحوا إلا بوجود 30 عارضًا فقط، بينما يوجد هنا 133 مكتبة، وبالتالي سيظلم أناس كثيرون».
ويضيف: نحن تجار «غلابة» مهمتنا قائمة في الأصل على تجميع الكتب القديمة والنادرة من مصادر مختلفة، وإعادتها للحياة مرة أخرى، لذا كان يجب على الدولة أن تدعمنا لتساعد في نشر القراءة والثقافة بشكل عام.
مصطفى الذي عينه زملائه مسؤولا عن صفحة الترويج للمعرض على موقع فيسبوك، يؤكد أنهم اختاروا 15 يناير لانطلاق معرضهم حتى لا يتعارض مع معرض القاهرة الذي سيبدأ 22 يناير.
أمنيات بنجاح المعرض
ويضيف في حديثه لـ«شبابيك» أنهم يأملون أن ينجح معرض القاهرة للكتاب في هذه الدورة وأن يشاركوا في المرة المقبلة كما كانوا في السابق، لأن المعرض بالنسبة لهم كان موسم مميز لرواج حركة البيع، وفي النهاية هو يحمل اسم مصر.
عن النواحي التنظيمية يقول إن كل فرد هنا يتولى مهمة الأشياء التي يفهم فيها أكثر فمن لديهم دراية بالأمور التقنية يتولون مهمة الترويج للمعرض على السوشيال ميديا، بينما من يفهمون بأمور الطباعة تولوا مهمة طباعة لوحات لوضعها على مدخل المعرض وفي بعض الأماكن بالقاهرة، بينما سيتولى الجميع مهمة التنظيم.
تنظيم تطوعي
في ممرات سور الأزبكية الواقع في المنتصف بين محطة مترو العتبة، ومسرح العرائس، ينوي الجميع عرض كتبه في المكان المخصص له أمام مكتبته، مع السماح بحركة المرور تعمل كما هي دون توقف، لضمان سير الحركة وزيادة البيع، ولن يسمح القائمون على المعرض غير الرسمي بتمدد المكتبات عن المعتاد، فهناك لجنة مشرفة شكلها شباب السور المتطوعون لضمان سير الأمور بشكل صحيح ومشرف.
اتهامات بسرقة الكتب
وردا على اتهام تجار سور الأزبكية بتزوير الكتب يقول مصطفى إن هذا الاتهام في غير محله، فمن يقمون بهذا العمل لا يتعدوا أصابع اليد الواحدة، وليست مهمة باقى المكتبات محاربة هؤلاء فهناك جهات مسؤولة يجب عليها تطبيق القانون على كل من يسرق كتب دور النشر المرخصة.
مصطفى يقول إن 90% من الكتب المعروضة بمكتبات السور قديمة، أو نادرة وليس بينها تشابه لذا كل مكتبة تجد بها ما ليس موجودا عند غيرها.
الأزبكية.. حين تناديك الكتب بعشق
العرّاب حاضرا رغم الفراق
رغم رحيله عن دنيانا في العام الماضي، إلا أن كتب الدكتور أحمد خالد توفيق هي الأكثر طلبا بين الكتب التي يعرضها مصطفى، خصوصا سلسلة ما وراء الطبيعة، وفانتزيا.
على بعد أمتار من مكتبة الهاشم، يجلس أشرف عبد الفتاح بين كتبه، يعيد ترتيب بعض منها على رفوف منمقة كما اعتاد، مؤكدا أنه يتوقع إقبال ملحوظ على معرضهم التقليدي، إلا أنه لن يكون مثل المشاركة في معرض الكتاب.
عبد الفتاح يقول لـ«شبابيك» إن الحجج التي قدمها المسؤولون عن معرض الكتاب لعدم مشاركتهم، ليست مقنعة، وسوء تخطيط منهم، لأنه وفق قوله كان يجب أن يراعى الجميع قبل نقل المعرض لمقره الجديد.
مجرد ديكور
«كانوا عايزين سور الأزبكية يبقي مجرد ديكور» بهذه الجملة يقيم عبد الفتاح وجهة النظر الرسمية التي حددت لهم مكان لـ 30 عارضًا فقط، مؤكدا أنهم في السور كيان واحد والجميع يكمل بعضه، كما أن بضاعتهم مميزة.
عبد الفتاح الذي يعمل في مجال بيع الكتب القديمة منذ 25 عاما، يقول إن من يعملون بالكتب القديمة ينقسمون لنوعين فمنهم من ورث المهنة، أو محبين لها، ويصنف نفسه من النوع الثاني، حتى أنه بعد تخرجه من كلية التربية الفنية تخصص في بيع كتب الفاشون والعمارة، والموضة، والكتب المرتبطة بتخصصه بشكل مباشر.
مين أين تأتي كتب الأزبكية؟
يحصل الباعة في سور الأزبكية على كتبهم من عدة مصادر تبدأ من مخازن دور النشر الكبرى، إضافة للمطابع الكبيرة كالأهرام وغيرها، امتداد لباعة الروبابيكيا، وأصحاب المكتبات الخاصة، ومن يريدون التخلص من كتبهم القديمة.
في سور الأزبكية تتراص المكتبات بشكل منمق بجوار بعضها، على طريقة الأكشاك التجارية القديمة، تطل منها رائحة الكتب القديمة، وتزينها ورقاتها الصفراء العتيقة، إلا أن محمود خليفة الذي تخصص في بيع الكتب الفلسفية والفكرية، يقول إن بعد سنوات كل بائع هنا يأخذ طابع خاص، ويصير له زبون مخصوص يأتي للبحث عنه.
ويضيف أن التحضيرات التي بدأوها استعدادا للمعرض لا تختلف كثيرا عما كان يحدث في أيام البيع العادية، مؤكدا أن كل ما في الأمر أن الباعة سيقدمون عروضا خاصة للقراء، ورواد السور.
موسم رزق
بلهجة فيها شيء من الحسرة على عدم المشاركة في معرض القاهرة للكتاب يقول خليفة إن المعرض كان بمثابة موسم «رزق كبير لنا»، حتى أن التجار كانوا ينتظرونه لسداد ديونهم، وتوسيع نشاطهم، بعدنا يبيعوا أكبر قدر من الكتب خلال السنة.
وبخصوص مواعيد العرض في سور الأزبكية يؤكد خليفة أن الأمر رهنا سيتم بشكل عشوائي أي أن المكتبات ستفتح كل يوم الصباح وستظل مفتوحة طوال اليوم طالما أن هناك زبائن وزوار، وإذا ما شعر الباعة بأن معدلات الإقبال بدأت تتراجع سيغلق المكان.
ويوضح أن غالبية المتواجدين ملاك وليس عمال لذا فهم حريصون على نجاح تجربة المعرض، متوقعا استمرار العمل حتى العاشرة مساء.
يأمل محمود خليفة ورفاقه أن يكون معرضهم عوضا لهم عما فات من معرض القاهرة الدولي للكتاب والذي كان بمثابة مصدر الرزق الأول سنويا، يليه معرض الأسكندرية.