علي بن أبي طالب الذي قال له النبي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟
يقدم موقع شبابيك سلسلة من المقالات عن عظماء الإسلام خلال شهر رمضان المبارك، بطل قصة اليوم أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أول من أسلم من الصبيان، وأبو الحسن والحسين أحفاد النبي محمد.
في هذا التقرير سطور مضيئة في حياة بطل من أبطال الأمة الإسلامية، وأحد فرسانها الأقوياء، صحابي جليل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم.
مولد الإمام علي
ولد أبو الحسن قبل البعثة بعشر سنين، وتربى في بيت النبوة، قال له النبي عندما استخلفه على المدينة في غزوة تبوك: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي»، وجاء ذلك بعد أن قال عليّ: « يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان؟».
قال فيه الرسول «لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»، شهد جميع العزوات مع النبي عدا غزوة تبوك، واشتهر بالفروسية والشجاعة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
صفات سيدنا علي
كان أشكل العينين عظيمهما، ذو بطن، أصلع، وهو إلى القصر أقرب، وكان عظيم اللحية، قد ملأت صدره ومنكبيه، أبيضها، وكان كثير شعر الصدر والكتفين، حسن الوجه، ضحوك السن، خفيف المشي على الأرض.
مواقف بطولية لعلي بن أبي طالب
من مواقف عليّ البطولية والتي تدل على شجاعته، ونصرته لهذا الدين، أنه بات في فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الهجرة، وعرض نفسه للقتل فداء للنبي، وهو أول من بارز في سبيل الله مع حمزة، ومن النفر القلة الذين ثبتوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أحد.
من مواقفه البطولية في غزوة الخندق عندما اقتحم عمرو بن ود بفرسه، وكان من فرسان العرب المشهورين، وطلب من المسلمين المبارزة وهو مقنع بالحديد، أفلا تبرزون إلى رجلًا، فخرج إليه علي بن أبي طالب، فقال: ارجع يا ابن أخي ومن أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن اقتلك، فقال له علي بن أبي طالب: ولكني والله لا أكره أن اقتلك.
من مواقفه الجليلة أنه لما استعصى على جيوش المسلمين فتح خيبر، قال النبي: «لأعطين ههذه الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ". فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا - قَالَ - فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ "أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِب". فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ - قَالَ - فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فِى عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».
بجانب شجاعته العظيمة كان من علماء الصحابة، ومن دهاة العرب، فقد جيء بإمرأة إلى عمر وقد ولدت غلامًا لستة أشهر فأمر برجمها، فقال له علي: يا أمير المؤمنين ألم تسمع إلى قول الله تعالى: ﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾، فالحمل ستة أشهر والفصال وهو في عامين.
كان - رضي الله عنه - شديد الورع فقد روى ابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث أبي عمرو بن العلاء عن أبيه قال: خطب علي فقال: أيها الناس والله الذي لا إله إلا هو ما رزأت من مالكم قليلًا ولا كثيرًا إلا هذه، وأخرج قارورة من كم قميصه فيها طيب، فقال: أهداها إلي الدهقان.
وروى أبو نعيم من حديث هارون بن عنترة عن أبيه قال: دخلت على علي بن أبي طالب بالخورنق وعليه قطيفة وهو يرعد من البرد، فقلت يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك نصيبًا في هذا المال، وأنت تفعل بنفسك هذا؟ فقال: إني والله لا أرزأ من مالكم شيئًا، وهذه القطيفة هي التي خرجت بها من المدينة.
من أقوله علي بن أبي طالب
كان يقول: «ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، ويعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله».
وقال أيضا: «خمس خذوهن عني: لا يرجو عبد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه، ولا يستحيي جاهل أن يسأل عما لا يعلم، ولا يستحي عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له».
وقيل: يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا، قال: «ما أصف لكم من دار، من افتقر فيها حمد، ومن استغنى فيها فتن، ومن صح فيها أمن، حلالها الحساب، وحرامها العقاب»، كما قال «جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والنقص في اللذة: قيل وما النقص في اللذة؟ قال: لا ينال شهوة حلال إلا جاء ما ينغصه إياها».
استشهاد عليّ
استشهد على يد عبدالرحمن بن ملجم، سنة أربعين من الهجرة، في السابع عشر من شهر رمضان.