حرائق غابات الأمازن.. ماذا يحدث لـ«رئة العالم» ولماذا يجب أن نشعر بالقلق؟ (بث مباشر)
اتسعت رقعة حرائق غابات الأمازون خلال اليومين الماضيين، حيث غطت مساحة تتجاوز1.5 ألف هكتار، فيما امتدت طبقة الدخان على مساحة 3.2 مليون كيلومتر مربع فوق القارة اللاتينية.
وأظهرت صور نشرها مرصد وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) غطاءً كثيفا من الدخان يغطي مساحات كبيرة من غابات أميركا اللاتينية.
وتعرف غابات الأمازون، التي تحوي 400 مليار شجرة بـ «رئة العالم»، حيث تنتج 20% من الأوكسيجين على كوكبنا، وتحافظ على التنوع الحيوي بكوكب الأرض؛ ولهذا يتهم خبراء في مجال البيئة والمناخ، الرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو، بالتقصير مع حكومته في حماية أكبر غابة إستوائية مطرية في العالم.
حرائق غابات الأمازون في 2019
وبحسب السلطات البرازيلية شهدت غابات الأمازون أكثر من 72 ألف حريق خلال العام الجاري، وذلك بارتفاع بـ83% مقارنة بالفترة نفسها في العام الماضي، وفقا لوكالة «سبونيتك».
وكان الرئيس البرازيلي، قد أثار غضب الملايين حول العالم، بعدما اتهم المنظمات الأهلية بأنها وراء حرائق غابات الأمارون. بحسب ما أفادت وسائل إعلام برازيلية، وذلك قبل أن يعلن إرسال قوات لمواجهة حرائق الأمازون بعد ضغوط أوروبية.
وقال بولسونارو في خطاب متلفز إن حرائق الغابات يمكن أن تحدث في أي بلد ولا ينبغي استخدامها كذريعة للعقوبات الدولية.
قادة العالم وحرائق غابات الأمازون
وفي تصريحات صحفية بشأن حرائق غابات الأمازون، قال دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، إنه تحدث هاتفياً إلى الرئيس البرازيلي، وأخبره أن بلاده مستعدة للمساعدة.
وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عبر موقع التواصل اللاجتماعي «تويتر»، حملة نداءات لإنقاذ غابات الأمازون، معبرا عن «القلق العميق» من الحرائق المشتعلة في أكبر غابة استوائية بالعالم والتي يقع 60% منها في البرازيل، وقال: «في خضم أزمة مناخية عالمية، لا يمكننا تحمل أن تلحق أضرار بمصدر رئيسي للأوكسيجين والتنوع البيئي»، وطالب بحماية غابات الأمازون.
فيما أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون أنه سيبحث مع قادة مجموعة السبع في قمتهم في مدينة بياريتس الفرنسة، قضية الحرائق التي اعتبرها «أزمة دولية».
وكانت فرنسا وإيرلندا قد هددتا - في وقت سابق - بوقف التصديق على اتفاقية تجارية ضخمة مع دول أمريكا الجنوبية ما لم تفعل البرازيل المزيد لمكافحة نيران غابات الأمازون. وقال إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي إن بولسونارو «كذب عليه بخصوص موقفه من التغير المناخي».
نداءات من كل الأوساط
وأطلقت نداءات من أجل غابات الأمازون في الوسط الرياضي حيث طالب النجم البرتغالي، كريستيانو رونالدو، لاعب فريق يوفنتوس الإيطالي، بإنقاذ الغابات من الحرائق، وقال: تنتج غابات الأمازون المطيرة أكثر من 20% من الأكسجين حول العالم، وكانت تحترق خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، إنها مسؤوليتنا في إنقاذ كوكبنا.
ويشار إلى أن رونالدو نشر مع النداء الذي أطلقه على موقع تويتر صورة التقطت في 2013 في منطقة لا تقع في الأمازون، حسب صحافيي تقصي الحقائق في وكالة الأنباء الفرنسية.
ومن الوسط الفني، نشرت المغنية الأمريكية على موقع التواصل الاجتماعي إنستجرام صورة تعود إلى 1989 أرفقتها بتعليق: الرئيس بولسونارو، نرجو أن تعدلوا سياستكم. يجب أن نستيقظ.
ما الذي يمكن أن تسببه حرائق غابات الأمازون؟
وتلقى حرائق غابات الأمازون اهتماما واسعا سواء نظرا لما قد تسببه هذه الحرائق من أضرار سيدفع ثمنها العالم كله، ولهذا انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج باسم صلي من أجل الأمازون (#PrayforAmazonas).
وتقول البيانات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني لأبحاث الفضاء في البرازيل، إن أكثر من 75 ألفا من حرائق الغابات رُصدت في البرازيل في الأشهر الثماني الأولى من العام الحالي - وهو أعلى رقم منذ 2013. ولم يتجاوز عدد الحرائق المسجلة في نفس الفترة من العام الماضي 40 ألفا.
وبحسب موقع «BBC»، تشيع الحرائق في غابات الأمازون خلال موسم الجفاف، الذي يبدأ من يوليو وحتى أكتوبر. ويمكن أن تشتعل الحرائق بفعل الطبيعة كما في ضربات البرق، لكنها أيضا تشتعل في بعض الأحيان بفعل المزارعين والحطابين ممن يتخلصون من الحطب لتجهيز الأرض لزراعة محاصيل جديدة أو للرعي.
وتطلق الحرائق كميات كبيرة من انبعاثات الدخان والكربون
وطبقا لخدمة كوبرنيكوس (كامز) لمراقبة الجو، التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن سحب الدخان تسافر وصولا إلى ساحل الأطلسي.
بل وجعلت سحب الدخان، السماء تُظلم في مدينة «ساو باولو» على مسافة تتجاوز 3.200 كيلو متر.
وتنبعث عن الحرائق كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، بلغت 228 ميجا طن في العام 2019 حتى الآن، بحسب خدمة «كامز»، وهي الأعلى منذ العام 2010. ومن بين الانبعاثات غاز أول أكسيد الكربون، الناتج عن احتراق الأخشاب في ندرة من الأكسجين.
وتُظهر خرائط «كامز» وصول غاز أول أكسيد الكربون ذي المستويات المرتفعة من السُميّة إلى ما وراء الخطوط الساحلية لأمريكا الجنوبية.
النباتات والحيوانات في غابات الأمازون
ويحيا في حوض الأمازون حوالي 3 ملايين نوع من النباتات والحيوانات، فضلا عن مليون نسمة من السكان الأصليين.
ويعتبر حوض الأمازون حيويا لكبح مستوى الاحتباس الحراري حول العالم؛ حيث تمتص الغابات ملايين الأطنان من انبعاثات الكربون كل عام.
وعند قطع الأشجار أو حرقها، ينطلق الكربون الذي تخزنه تلك الأشجار إلى الجو وتقلّ قدرة الغابات المطيرة على امتصاص انبعاثات الكربون.
دول تأثرت بالحرائق
عدد من الدول في ما يعرف بـ«حوض الأمازون»، الذي تترامى أطرافه على مساحة 7.4 مليون كيلومتر مربع، شهد ارتفاعا في عدد الحرائق في العام الحالي.
وكان ثاني أكبر عدد من الحرائق بعد البرازيل، من نصيب فنزويلا التي شهدت أكثر من 26 ألف حريق في هذا العام، تلتها بوليفيا في المركز الثالث مسجلة أكثر من 17 ألف حريق.
واستأجرت حكومة بوليفيا طائرة لإطفاء الحرائق المشتعلة شرقي البلاد. وامتدت ألسنة الحرائق لنحو 6 كيلومترات مربعة في الغابات والمراعي، وفق ما نقل موقع الإذاعة البريطانية «BBC».
غابات الأمازون والمياه.. الأنهار الطائرة
تنتج غابات الأمازون المطيرة، كميات هائلة من المياه، ليس فقط للبرازيل وإنما لأمريكا الجنوبية بأكملها.
وما تسمى بــ«الأنهار الطائرة» تنقل الرطوبة إلى مناطق واسعة في أنحاء البرازيل.؛ وهي عبارة عن كتل هواء مشبعة ببخار الماء، تنشأ نتيجة للتبخر، سواء من عالم النباتات والحيوانات أو من المسطحات المائية والأسطح الأرضية.
وتؤثر أيضا هذه السحب المطيرة على الأمطار في بوليفيا وباراجواي والأرجنتين وأوروجواي وحتى في أقصى جنوبي شيلي.
ووفقًا لأبحاث معهد الأبحاث الحكومي (INPA)، يمكن لشجرة يبلغ قطرها 10 أمتار توفير أكثر من 300 لتر من المياه يومياً في صورة بخار تطلقه في الغلاف الجوي، وهو أكثر من ضعف ما يستهلكه أحد البرازيليين يوميًا.
ويعد الحفاظ على غابات الأمازون أمر لا غنىً عنه بالنسبة للزراعة وإنتاج الغذاء وإنتاج الطاقة في البرازيل.
كما إن عملية إزالة أشجار ونباتات الغابات المطيرة تلحق الضرر بالتبخر ونطاق تأثير الأنهار الطائرة، كما أن لذلك أيضا تأثيراً على هطول الأمطار في العديد من بلدان أمريكا الجنوبية.
بالإضافة إلى ذلك، توفر غابات الأمازون ما يقرب من خمس المياه العذبة التي تصب في المحيطات.
أكبر تنوع حيوي في العالم
ويشار إلى أن 10% من جميع الأنواع المعروفة على وجه الأرض موطنها هي منطقة الأمازون؛ حي تعد أكبر الغابات الاستوائية في العالم وبها أكبر تنوع بيولوجي على مستوى العالم.
ويوجد في غابات الأمازون عدد كبير من الأنواع التي لا تزال غير معروفة للعلماء، خاصة في المناطق النائية.
وجدير بالذكر أن الحفاظ على التنوع البيولوجي أمر مهم لأنه يضمن الاستدامة لجميع أشكال الحياة. كما أنه من خلال ذلك تتعافى من الكوارث بشكل أفضل، مثل حرائق الغابات، النظم الإيكولوجية الصحية والمتنوعة.