صورة تمثال سيف الدين قطز
قصة سيف الدين قطز.. ما لا تعرفه عن مؤسس دولة المماليك
رغم أن فترة حكمه لم تتعد عاماً، إلا أن سيف الدين قطز يعد من أبرز حكام مصر، لاسيما أنه استطاع هزيمة التتار ووقف زحفهم على الدولة الإسلامية في ذلك الوقت.
استطاع قطز أيضاً أن يرسي دعائم حكم المماليك البحرية في مصر بعد فترة من الاضطرابات السياسية وأن يؤمن الحماية لها من الخطر الخارجي، كما شهد عهده أول دخول مملوكي رسمي إلى بلاد الشام.
سيف الدين قطز ما قبل السلطنة
ويروي الدكتور علي إبراهيم حسن في كتابه «دراسات في تاريخ المماليك البحرية في عصر الناصر محمد بوجه خاص» أن الفترة الأولى لتأسيس الدولة الملوكية والتي تولى فيها عز الدين أيبك الحكم كانت مليئة بالاضطربات والفتن، والتي وصلت ذروتها بتدهور العلاقة بين أيبك وبين زوجته شجرة الدر بعدما علمت أنه أرسل يخطب بنت صاحب الموصل الملك بدر الدين لؤلؤ، فدب في نفسها الغيرة والحقد، وأرسلت في طلبه وحرضت عليه من قتلوه، وكان ذلك عام 1257.
انتقلت السلطنة بعد مقتل المعز أيبك إلى ابنه علىّ، وعمره يومئذ إحدى عشر سنة، ولُقب بالمنصور وعُين سيف الدين قطز أتابكاً له (وصياً على العرش).
ولم يكن اعتلاء علىّ عرش السلطنة احتراماً لمبدأ الوراثة، فقد كان ذلك المبدأ غريباً عن عقلية المماليك، ولكن لأن أتباع أبيه رأوا أن الاحتفاظ بالعرش في بيته انتقاماً من قتلته.
على كلٍ، بدأ هذا السلطان الشاب عهده بالانتقام لأبيه من شجرة الدر، إذ أوعز إلى بعض الجواري فقتلتها، وفي عهده اضطربت الأحوال في مصر، لان هولاكو ملك التتار كان قد وصل إلى حلب وبدأ يهدد بغزو الديار المصرية.
سيف الدين قطز على العرش
كان قطز يعمل منذ تعيينه أتابكاً للمنصور على اغتصاب الملك منه، فاستغل الفرصة وأعلن أن الملك منصور صغير السن، وأنه لا يحسن تدبير أمور مصر في مثل ذلك الوقت المضطرب الذي يحتاج إلى وجود سلطان معروف بالجرأة وسداد الرأي، كي يتمكن من قتال التتار وردهم عن مصر.
والحق أن المنصور كان شاباً مستهتراً بأمور الدولة، فهو طائش العقل يلعب بالحمام مع الصبيان في أحواش القلعة، وكانت أمه تتدخل في شئون البلاد تدخلاً سافراً.
فقبض عليه قطز واعتقله بقلعة الجبل، وأعلن نفسه سلطاناً على مصر سنة 1259، ولما أنكر الأمراء على قطز هذا العمل، اعتذر إليهم بقوله «إني ما قصدت إلا أن نجتمع على قتال التتار، ولا يتأتى ذلك بغير ملك، فإذا خرجنا وكسرنا هذا العدو، فالأمر لكم أقيموا في السلطنة من شئتم».
واجه قطز تهديد التتار لمصر، وخرج للقائهم في 3 سبتمبر 1260، وألحق بهم هزائم شائنة في موقعة عين جالوت بين نيسان ونابلس بفلسطين، وقتل منهم النصف، وخرج بعد ذلك من دمشق عائداً إلى مصر حتى وصل إلى القصير، إحدى قرى مركز فاقوس بمديرية الشرقية، فبقى مع بعض خواصه وأمرائه ورحل جنده إلى جهة الصالحية.
الانقلاب على قطز
ويروي الدكتور محمد سهيل قطوش في كتابه «تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام»، أن جماعة من المماليك بزعامة الأمير ركن الدين بيبرس قد اتفقوا على قتل السلطان لسببين. الأول أن بيبرس أراد الانتقام لمقتل فارس الدين أقطاي الذي شارك قطز في قتله حتى يتولى أيبك الحكم، والثاني، أنه استاء من تراجع قطز عن وعده بمنحه نيابة حلب إذا انتصر على المغول، ومنحها لصاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ.
والواضح أن ذلك لم يكن خافياً على قطز الذي ارتاب في بيبرس واحترس منه، وكان يتجنبه ما استطاع.
والواقع أن الخلافات بين الزعماء المماليك ترجع لأسباب مادية تتمثل في الصراع على السلطة، وأن قطز أظهر قصر نظر في الحقل السياسي حين تجاهل مكانة بيبرس التي ارتفعت بعد عركة عين جالوت.
ولكي يصل بيبرس وأتباعه إلى تحقيق ما اتفقوا عليه من الغدر بالسلطان قطز، تقدم إليه بيبرس وشفع عنده في إنسان، وقيل أنه طلب منه امرأة من سبي التتار، فأنعم عليه بها، وتقدم بيبرس يقبل يده وقبض عليها، فانتهز أحد الأمراء هذه الفرصة وضرب قطز بالسيف وتتابع الباقون عليه، ورموه عن فرسه، ورشقوه بالنشاب حتى قتلوه، وتركوه ملقى على الأرض، فدفنه بعض من كان في خدمته في القصير.