شارلوك هولمز كما تخيلها الرسام سيدني باجييت

شارلوك هولمز كما تخيلها الرسام سيدني باجييت


شرلوك هولمز، ما لا تعرفه عن أشهر شخصية بوليسية أسطورية

لم يكن الكاتب الاسكتلندي آرثر كونان دويل وقت كتابته لقصص شرلوك هولمز البوليسية يتخيل أنها ستحقق هذا النجاح العالمي الكبير، وأنها ستكون مصدر اقتباس لصُناع المسرح والسينما العالمية.

ويذكر أمين سلامة في مقدمة ترجمته لـ«مذكرات شرلوك هولمز» للكاتب الإنجليزي آرثر كونان دويل، أن الممتع في مغامرات «هولمز» أنها كتبت لتروق جميع الناس من جميع الأعمار، صغاراً كانوا أو كباراً، شباباً أو شيوخاً، كما كُتبت لتُقرأ في جميع العصور، لما تحتويه من خيال جامح يصور بروعة كل ما هو شاذ وغريب في دنيا اللصوص والمجرمين ورجال البوليس معاً.

وبحسب «سلامة»، أقيم في إنجلترا عام 1951 معرض خاص لشرلوك هولمز كمظهر بسيط من مظاهر الاحتفال الضخم بشخصيته الفذة، وتطور هذا الاحتفال إلى تكوين جمعية تزايد أعضاؤها بشكل كبير. والغريب أن هناك 250 نادياً عالمياً تحتفي بشرلوك هولمز، وتحتفل به كشخصية أسطورية ممتعة قلما يجود الزمان بمثلها.

آرثر كونان دويل

شرلوك هولمز وأجهزة المخابرات العالمية

والمدهش أن آرثر كونان دويل، ذلك الطبيب الشاب الفقير، لم يفكر في كتابة شخصية شرلوك هولمز إلا بعد أن تأثر بما كتبه الكاتب الإنجليزي ادجار الان بو من قصص رائعة لم يتجاوز عددها الثلاث وقتذاك، وكانت كلها تدور حول الجريمة ولا شيء غير الجريمة.

ولكن «دويل» أصيب بدهشة بالغة بعد أن ابتكر شخصية «هولمز»، وذلك لأن أجهزة مخابرات عالمية منها فرنسا والصين راحت تؤسس أجهزتها البوليسية على ما ورد بمغامرات شرلوك هولمز من تفاصيل وإعجاز، فقد بدا للكثيرين أن شخصية شرلوك هولمز شخصية حقيقية. ومن هنا يمكن اعتبار أن آرثر كونان قد سبق عصره في حل الجريمة بالوسائل العلمية.

وما إن ظهرت مغامرات شرلوك هولمز في عام 1891 حتى أحدثت هذه القصص  دوياً شديداً وحساسية بالغة بين الناس، ولكن ما إن مضى عامان على تأليفها حتى ملها الناس وسئموها.

وفي عام 1901 بدأ شرلوك هولمز يظهر من جديد بشكل صاروخي، جعل الناشر الأمريكي يدفع لكونان دويل 8000 جنيها استرلينياً أجراً لها، وكان هذا أعلى أجر تقاضاه كاتب في التاريخ. وظل كونان يواصل كتابة مغامرات جديدة حتى عام 1927، وهو العام الذي أُنعم عليه فيه بلقب «فارس».

تمثال لشرلوك هولمز في سويسرا

شرلوك هولمز في التلفزيون والمسرح

وعبر السنوات راحت مغامراته تُقتبس في تقديم أعمال للراديو والمسرح، كما أن القصص الهولمزية تُرجمت على أكثر من لغة ولهجة بما يفوق أي عمل أدبي إنجليزي آخر، ويدخل في ذلك أعمال شكسبير المسرحية الذي يعتبر أعظم شعراء الإنجليزية قاطبة.. قام الممثل الإنجليزي وليم جيليت بتمثيل دور شرلوك هولمز على المسرح لفترة طويلة،

ولقي «هولمز» رواجاً في اليابان لدرجة أنهم اعتبروه جزءًا من تراثهم، أما في روسيا فقد جُسدت مغامرات «هولمز» في شكل مسلسلات تليفزيونية حازت إعجاب المشاهدين.

ورغم أن قصص شرلوك هولمز التي مضى على تأليفها أكثر من مائة وعشرين عاماً، ما زالت أثيرة إلى قلب كل قارئ في العالم، لكن الوحيد الذي يمقتها هو المؤلف نفسه كونان دويل، إيماناً منه بأن كتبه الأخرى تعتبر في نظره أعمالاً ذات قيمة أدبية أكثر بكثير من شرلوك هولمز، مثل كتابه عن «الشركة البيضاء».

 بيد أن الرسائل راحت تنهال عليه كالمطر من جميع أنحاء العالم بعد توقفه عن الكتابة عن هذه الشخصية أول الأمر، وكانت دموع القراء لا تستطيع أن تتصور أو تتخيل أن «هولمز»، تلك الشخصية القوية الفائقة الذكاء يمكن أن تختفي أبداًن فعاد للكتابة عنها مرة أخرى عام 1901.

شرلوك هولمز وصفاته

ولم يختلف شرلوك هولمز كثيراً عن باقي أبطال القصص البوليسية، فقد كان طوله حوالي ست أقدام، وكان أعزباً، وعازفاً عن الحياة الاجتماعية، ولا يلعب الشطرنج إلا قليلاً، بيد أنه لم يكن مقيتاً في لباسه، أو فظاً في ألفاظه وكلامه.

لم يكن «هولمز» أيضاً يعرف شيئاً عن الأدب والفلسفة وعلم الفلك كنظيره المفتش كولمبو مثلاً، وكان يجهل كل شيء عن السياسة، غير أنه كان يعرف القليل عن علم الحيوان والكثير عن الجيولوجيا والكيمياء وعلم التشريح.

علاوة على ذلك، كان ملاكماً ممتازاً، يستطيع أن يدافع عن نفسه، ولديه إلمام عميق بالقانون الإنجليزي، ولم يكن على غرار المخبرين الآخرين المعروفين في وقته، والوارد ذكرهم في القصص البوليسية الموجودة في ذلك الوقت.

هولمز ووطسن كما تخيلها الرسام سيدني باجييت

مؤلف شخصية شرلوك هولمز

أما آرثر كونان دويل، ذلك المؤلف الإنجليزي الذائع الصيت الذي طار صيته كأشهر كتاب القصة البوليسية، لابتداعه شخصية شرلوك هولمز، وشخصية الدكتور واطسن، فقد ألف روايات عديدة أبرزها «علامة الأربعة» التي كتبها عام 1890، و«مذكرات شرلوك هولمز» التي ألفها عام 1894، ثم «عودة شرلوك هولمز» التي ظهرت عام 1905، و«عقدته الأخيرة» عام 1917، و«قضية شرلوك هولمز» المؤلفة عام 1927.

وكتب «دويل» الكثير من الروايات التاريخية، منها «الشركة البيضاء» التي ألفها عام 1891، كما كتب مسرحية بعنوان «قصة واترلو» في عام 1900.

وفي سنواته الأخيرة، أصبح «دويل» من القائلين بمخاطبة الأرواح، وفي عام 1926 ألف كتاباً بعنوان «تاريخ مذهب تحضير الأرواح»، وترجم لحياته في كتاب بعنوان «مذكرات ومغامرات» الذي ظهر عام 1924.

المصدر

  • مقدمة ترجمة "مذكرات شرلوك هولمز» للكاتب الإنجليزي آرثر كونان دويل، أمين سلامة.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية