الكتابة الجيدة نتيجة قراءة جيدة وتخطيط جيد.. ما مدى صحة العبارة؟
ينظر إلى الكتابة الجيدة غالبا على أنها موهبة فطرية أو نتاج إلهام لحظي، لكن في الواقع فهي تعتمد على القراءة الجيدة والتخطيط الجيد في المقام الأول، وهذه قاعدة أساسية في فنون البلاغة والتأليف.
عناصر الكتابة الجيدة
ترتبط الكتابة الجيدة بالقراءة والتخطيط بعلاقة تكاملية على النحو التالي:
أولا: دور القراءة الجيدة
تعد القراءة الجيدة هي «المادة الخام» الأساسية التي يتغذى عليها العقل الكاتب، فهي لا تقتصر فقط على اكتساب المعلومات والمعرفة حول موضوع معين، بل تمتد لتشمل عملية «تغذية لا واعية» لأساسيات اللغة؛ إذ يكتسب القارئ النهم مفردات جديدة، ويتعرف على تراكيب جمل متنوعة، ويستوعب الأساليب البلاغية المختلفة.
ويصبح القارئ الجيد، مع مرور الوقت، قادرا على تمييز النص الركيك من النص المتقن، لأنه طور «حاسة لغوية» تمكنه من محاكاة الجودة التي اعتاد على قراءتها.
ويمكن تشبيه هذا بعملية بناء منزل؛ فالقراءة هي التي توفر أفضل أنواع «مواد البناء».
ثانيا: دور التخطيط الجيد
يضمن التخطيط الجيد استخدام هذه المواد بأفضل طريقة ممكنة، فبدون التخطيط، حتى الكاتب الذي يمتلك ثروة لغوية هائلة من القراءة قد ينتج نصا فوضويا، ومفككا، ومليئا بالاستطرادات التي تشتت القارئ وتفقد النص هدفه.
ويتضمن التخطيط تحديد الهدف من الكتابة بوضوح، ومعرفة الجمهور المستهدف، وتحديد الرسالة الأساسية، كما يشمل وضع هيكل منطقي للنص: مقدمة جاذبة، وجسم مترابط يعرض الحجج بتسلسل، وخاتمة قوية تلخص الأفكار.
الهدف من القراءة يكون بحسب ما قرئ له.. صواب أم خطأ؟
يتضح إذا أن الكتابة الجيدة ليست مجرد نتاج لأحد هذين العنصرين دون الآخر، فالقراءة تغذي العقل بالأفكار والأسلوب، والتخطيط ينظم هذه الأفكار ويصبها في قالب منطقي ومقنع.
وكما لا يمكن بناء منزل متين بمواد ممتازة دون مخطط، لا يمكن إنتاج كتابة جيدة بمخطط رائع دون مادة خام لغوية وفكرية غنية وفرتها القراءة المستمرة.