هذه مميزات أن تكون شخصا فوضويا
لا شك أن النظام يضيف لمسة جمالية حولنا. لكن هل حقا يجب أن نكون منظمين في كل صغيرة وكبيرة؟. عشاق النظام والترتيب يعتبرون أنه الحالة المثالية التي يجب أن يعيشوها، وأن يكون كل شيء حولهم مرسوما بدقة.
يرى الأطباء النفسيون أن العشوائية جزء من الطبيعة البشرية التي يجب أن نتكيف معها، وأن نسبا بسيطة منها قد تكون جيدة.
ففي محاولتنا لأن نكون منظمين غالبا ما نخلق الفوضى بغير قصد. كالمرات العديدة التي نحاول فيها ترتيب مكاتبنا، أو غرف نومنا، أو حتى خزانة الملابس؛ فما هي إلا أيام لتعود إلى سابق فوضتها. وقد تلوم نفسك كثيرا بسبب هذا.
الطبيب النفسي آدام فرانك يقول إن الفوضى هي أحد قوانين الكون وإحدى الطبائع البشرية. والحقيقة الصادمة أن الكون نفسه وقوانين الفيزياء مبنية على الفوضى والعشوائية. فمهما كنت منظما سيكون هناك جزءا ما في حياتك لا تستطيع السيطرة عليه.
ويضيف «فرانك» أنه لابد من التصالح مع بعض الفوضى في حياتنا، فمهما جاهدنا لنخلق بيئة منظمة من حولنا ستعود الفوضى مجددا.
هل الفوضويون أقل إبداعا؟
يقول «فرانك» إن الأشخاص الفوضويون غالبا ما يوصفون باللامبالاة وعدم التوازن. لكن هذا ببساطة غير صحيح. هم فقط لا يحبون الشعور بالتقيد.
لكن الطبيب النفسي يعود ويستدرك بأن هذا لا يعني أن تتحول حياتنا إلى خراب كامل، ويبدو كل شيء حولنا فوضويا لدرجة تثير التقزز. فالنظام مناسب وضروري أيضا، ويخلق مساحة جمالية حولنا.
اقرأ أيضا⇐«أنت مش اسوا إنسان في الكون.. تعلم كيف تحب نفسك»
ويوضح أن الأشخاص الفوضويون يتم ظلمهم بإطلاق أحكام غير عادلة عليهم، فهم ليسوا كسالى، بل يتمتعون بالخيال الواسع، فالنظام ليس شرطا للإبداع.
ووفقا لما جاء في كتاب «Aperfect mess ..The Hidden Benefits of Disorder» لـديفيد فريمان وإيريك آبراهامسون فإن الفوضى ليست دائما مرادفة لغياب النظام؛ فالمكتب الفوضوي قد يكون عند البعض دافعا للتركيز والابتكار أكثر، بمعنى آخر أن الفوضى تكون مناسبة لبعض الشخصيات وتحفز إبداعهم بصورة ملحوظة.
وفي دراسة أجرتها الباحثة كاثلين فوس من كلية الإدراة بجامعة مينيسوتا؛ وجدت أن البيئة الفوضوية تزيد مستوى الإبداع. فبعد فصل مجموعة من الأشخاص في غرفتين إحداهما فوضوية والأخرى مرتبة، وطُلب منهم أن يكتشوا طرقا غير تقليدية لاستخدام كرة البينج بونج. لاحظت «كاثلين» أن الفريقين وصلوا لنفس العدد من النتائج. لكن أصحاب الغرفة الفوضوية كانوا أكثر ابتكارا في أفكارهم.
ويرى البعض أن الأشخاص الذين يعيشون في بيئة فوضوية يتسمون بالعفوية. كما يعتبر حظهم من الراحة أكبر بكثير، فهم يهتمون بالصورة الكاملة ولا يرهقون أنفسهم في التفاصيل الدقيقة. إنهم يسبحون مع التيار وليس ضده.
كما ارتبطت الفوضوية بكبار المبدعين، فمعظم الكتاب والمفكرين والعلماء، عرفوا بالعمل في بيئة فوضوية، مثل ألبرت أينشتاين.
ماذا يفعل الشخص المنظم؟
الحياة ليست مثالية، هناك الكثير من الأشخاص سواء العاديين أو المبدعين، الذين يشعرون باالانزعاج مع أقل نسبة من الفوضى، ما يؤثر بالسلب عليهم، إذا وجدوا أنفسهم في بيئة غير منظمة ومطلوب منهم إنجاز بعض المهام، ما يقلل مستويات تركيزهم ويدخلهم في حالة نفسية سيئة. لكن ماذا بأيديهم أن يفعلوا؟
اقرأ أيضا⇐«احذر 10 أخطاء في التفكير تدمر صحتك العقلية»
مارجريت مور، مؤسسة ومديرة معهد «Life Coaching» بمستشفى ماكلين، وبول هاميرينس الأستاذ في علم النفس بجامعة هارفارد؛ يحاولان الوصول للسبب الذي يجعل بعض الناس يميلون إلى الفوضى، وهل هي أسباب نفسية أم عقلية.
وفي المقابل يرتبط النظام بقدرات عقلية، فهو ليس مجرد الانزعاج من مكتب فوضوي، بل يرتبط بالتنظيم الذاتي في كافة مجالات الحياة. وهذا السلوك تسيطر عليه قشرة الفص الجبهي في المخ.
ويحتاج هؤلاء الأشخاص إلى التدريب الذاتي للتعود على الفوضى من حولهم، وإلا سيتأذون كثيرا وتقل قدرتهم على أداء الأعمال بنفس الكفاءة. فقدرات المخ المرنة تتيح لكل النوعين التغيير السلوكي، فبإمكان الفوضويون أن يتعلموا كيف ينظمون حياتهم بصورة أفضل، وبإمكان المنظمون تدريب أنفسهم شيئا فشيئا على التكيف على ما حولهم والتركيز في ظل الفوضى المحيطة.
المصادر: