التطوع أسلوب حياة.. صبر وإحساس وصحبة حلوة
كتبت: مي مصطفى
يعتقد شباب كثيرون أن العمل الطوعي لن يفيدهم في شيء إلا في اكتساب الحسنات، ويرون ذلك أجرا عادلا، لكن التطوع وراءه مهارات ومزايا لا يعرفها إلا من جرّبها.
للعمل التطوعي – والجماعي خاصة- فوائد منها اكتساب معرفة جديدة وصداقات أكثر بخلاف التخلي بصفات الصبر والرحمة وحب المساعدة.
حسن و«اتنين نقاشين».. من أجل حلمه أصبح «فاشلا» ونجح
أمنية محمد- طالبة بالصف الأول الثانوي- تطوعت منذ سنوات بجمعية رسالة للأعمال الخيرية وأصبحت تشارك في عدة أنشطة منها فرز الأدوية، وزيارة المرضى، وإفطار أسر فقيرة، والمشاركة في فعاليات توعوية في الشارع للمواطنين خاصة في المناطق الشعبية، إلا أنها قررت أن تتخصص في نشاط فرز الأدوية التي يتبرع بها المواطنين للاستفادة من العقاقير غير منتهية الصلاحية والتي يمكن توفيرها للحالات المحتاجة والمريضة.
وعمّا استفادت منه منذ بدء انضمامها للجمعية تقول «أمنية»: «رغم إن مليش علاقة بالصيدلية إلا إني كملت سنة في نشاط فرز الأدوية ودلوقتي بقيت أقدر أعرف أقرأ تاريخ صلاحية أي شيء من أول نظرة مهما كان مكتو بخط غير واضح، بخلاف استفادتي من مهارة التواصل والاتصال ودة اكتسبته من نشاط توعية الجمهور في الشوارع والأحياء وفي وقات تانية زي زيارة الأطفال والأيتام، وكمان إحساس المسئولية ودة اتعلمته في نشاط المرافقات لما بيكون مطلوب من كل متطوع إنه يرافق مريض في يوم ذهابه للطبيب وعودته مرة تانية ودي حاجة عمري ما كنت حتعملها أو أعيشها إلا لو اتعلمت معنى التطوع».
عايز تطوع في جمعية خيرية.. غير «رسالة»
وفي نفس الجمعية اختارت هاجر ميسر- طالبة بالصف الثاني الثانوي- أنها تشارك في نشاط الإطعام لسببين أولها إنها سنة مهجورة عن الرسول (ص) من إطعام للفقراء والمحتاجين خاصة في رمضان، وكذلك لأن هذا النشاط يتم قياس درجة تأثيره في نفس اليوم حيث أن كل المتطوعين يعدون الطعام ويوزعونه في علب، وبعدها يتحركون في أوتوبيسات لتوزيعه بالمناطق الفقيرة بعد صلاة العصر ليكون وجبة إفطار صائم لكل شخص.
وأوضحت «هاجر» أن نشاط الإطعام يستهدف توزيع 300 وجبة كل يوم في رمضان بينما في غير الشهر فإن النشاط يتم مرة كل 3 أيام، وقد قررت الاستقرار في هذا النشاط منذ أن دخلت الجمعية منذ سنتين حتى في أيام الدراسة، بعدما استشعرت كم الفرحة التي يستقبلها بهم المحتاجين لتلك الوجبات وهو ما أكسبها عادة الإحساس بالغير والرغبة الدائمة في مساعدتهم.
تقول «هاجر»: «أول مرة في حياتي أنزل توزيع وجبات لقينا ست عايشة في أوضة تحت السلم لوحدها، تقريبا عايشة تحت الأرض، كل اللي حواليها شوية قطط وهي مش قادرة تقوم حتى من على السرير، سلمناها الوجبة وقعدنا نأكلها ومن يومها وأن مقدرة فكرة إزاي نقدر نوصل لحد لو سيبناه لوحده ممكن ما يعرفش يوصلنا ولا يلاقي أي شخص تاني يعرف عنه حاجة».
ومن الفتيات للشباب الذين تعتبر فكرة تطوعهم في نشاط خيري دائم فكرة صعبة جدا في حالة إن قورنت بالفتيات.
يقول عمرو سمير- رئيس مجموعة تعبئة شنط رمضان بجمعية رسالة بالإسكندرية- إن الشباب يقررون استغلال فرصة الأجازة للبحث عن فرصة عمل وهو ما يجعلهم مقلين في النشاط التطوعي بينما هو عن نفسه مستمر في نشاط التعبئة لمدة 3 سنوات، وبعد شهور من بدء مشواره التطوعي تم تعيينه كموظف وحرص خلال تلك الفترة على زيادة التعريف بنشاط التعبئة حتى أصبح يستقبل 120 متطوعا يوميا في هذا النشاط فقط، علما بأن هدفهم هو توزيع 15 ألف كرتونة طعام طوال شهر رمضان، والذين يتم توزيعهم في الإسكندرية والبحيرة.
6 حاجات بتقولك اتطوع ومتندمش
وعن تجربته واستفادته من مبدأ التطوع يقول «عمرو»: «كفاية إني مهما أقضي وقت هنا بكون متأكد إن وقتي وتعبي مش ضايعين، اللي بعمله هنا بيكسبني حسنات يوميا وبيخليني أحس إني بعمل شيء له قيمة أكبر ألف مرة من القعدة في البيت ولا على القهوة، بخلاف استفادتي من الصحبة الصالحة بعدما تحول كل المتطوعين إلى عائلة واحدة يتعانوا سويا ويخافوا على بعض، بالإضافة لتنمية روح التعاون، المساعدة، والإحساس بالغير، والرضا بكل المقسوم».
ويقول أحمد حسين- متطوع بنشاط فرز الملابس- إنه حضر أول مرة لجمعية رسالة مع أصدقائه للسؤال عن مجالات التطوع وعندها استوقفه بعض الشباب وطلبوا منه مساعدته في نقل أجولة الهدوم لرفعها بسيارة نقل ومن وقتها – منذ 6 سنوات- وهو عضو بنشاط فرز الملابس وتنظيم معارض الملابس، كما يحرص على الحضور في أيام أجازته كل جمعة طوال العام، بخلاف التواجد طوال أيام شهر رمضان.
سر الكيمياء.. لهذه الأسباب نقع في حب أشخاص بعينهم
ويضيف «أحمد» أن انضمامه لفريق المتطوعين منذ سنوات أكسبه صفة الصبر حيث لم يكن صبورا فيما قبل، ولكن كثرة احتكاكه مع المتطوعين ومع الحالات من الفقراء والمحتاجين علمه تدريجيا كيف يستوعب الآخر ويقبله ويحاول إرضائه بقدر الإمكان دون أن يفقد أعصابه أو صبره، بخلاف أنه أصبح يتمتع بحب التنافس حيث أنه يجري حاليا عدة مسابقات بين المتطوعات في نشاط فرز الملابس لتحفيزهم على إنجاز أكبر كم ممكن من الملابس استعدادا لمعرض يوم الكساء.
أما إسلام إبراهيم– أحد منظمي نشاط معارض الملابس- فيقول إنه بدأ مشوار التطوع منذ 9 سنوات بالصدفة، عندما حضر للجمعية فقط من أجل التبرع بالدم ووقتها قرر أن يخوض تجربة اللعب مع الأطفال الأيتام بداخل الجمعية ومن وقتها وقد ارتبط بالمكان واشترك في أكثر من نشاط حتى قرر الاستمرار في نشاط معارض الملابس تحديدا من وقتها، وتم تعيينه كموظف دائم بالجمعية منذ 4 سنوات بعد أن أثبت التزامه في العمل التطوعي طوال 5 سنوات، علما بأن معارض الملابس يتم تنظيمها طوال شهور السنة، ومعارض الكساء يتم تنظيمها قبل عيد الفطر وعيد الأضحى فقط.
بهذه الخطوات.. اكسر خوفك وتحدث مع الناس بدون خجل
ويوضح «إسلام» أنه رأي في نشاط توزيع الملابس فرصة كبيرة لمنع وجود حقد طبقي بين الفقراء والأغنياء وبناء عليه نزع فكرة الانتقام أو حتى السرقة في حالة عجز رب الأسرة عن توفير احتاجات أولاده، بخلاف مشاهدة الفرحة والرضا في عيون الأسر والأطفال في نهاية كل معرض للملابس يم توزيعها عليهم والتي تكون في نفس مستوى ملابس الأغنياء.
أما عما تعلمه «إسلام» من يوم انضمامه للعمل التطوعي، فيقول: «كفاية إني اتعلمت أبقى بني آدم أحس بغيري وأحس بايه اللي ناقصه وأعرف إزاي أوفرهوله، احنا طول عمرنا نشوف مشكة نلف ونقول مالناس دعوة، من يوم ما عرفت معنى التطوع عرفت إن "أنا مالي" وليا علاقة وليا دور طالما أقدر أساعد حد في إنه يوصل لشيء صعب عليه يبقى ليه اتأخر؟، اتعلمت الإحساس بالغير والمساعدة وكمان الرضا، وإن محدش أحسن من حد وإن اللي بنعمله دة ممكن هو اللي بيكون بيعلينا درجة عند ربنا مش بنعلا بأي حاجة تانية».