سرقة الأفكار.. ما هي وكيف تتعامل معها؟

سرقة الأفكار.. ما هي وكيف تتعامل معها؟

إذا كنت تعمل في أي مجال يتعلق بالإبداع، فستكون مضطرًا للتعامل مع ما يسمى بسرقة الأفكار .. سواء فوجئت بأحد الزملاء يسرق أفكارك وينسبها لنفسه، أو فوجئت بأنك متهم بسرقة الأفكار مع سبق الإصرار والترصد، دون أي تعمد منك.

العمل بطبعه بيئة شديدة التنافسية تلزمك دائمًا بتطوير نفسك، وأن تكون قادرًا على الإتيان بكل ما هو جديد، حتى لا تترك لأحد مجال لسرقة أفكارك. لكن كل هذا يجعلنا نتسائل.. ما الحدود الفاصلة بين سرقة الفكرة وتطويرها؟.. وماذا أفعل عندما أٌفاجئ بأحد الزملاء وقد سرق أفكاري التي بذلت فيها مجهودًا كبيرًا؟

في هذا التقرير تحاور «شبابيك» مع بعض الخبراء في مجالات، مثل «الفن» و«التسويق» و«الصحافة» لمعرفة آرائهم.

هل يوجد حقًا سرقة أفكار؟

صورة: سرقة الأفكار

يقول خبير التسويق «أحمد عادل» في حديثه لـ«شبابيك» إن في عالم المشروعات وريادة الأعمال لا يوجد شيء يسمى بسرقة الأفكار. والمشكلة تبدأ عندما نظن أننا نمتلك أي فكرة تطرأ على أدمغتنا؛ فمن الوارد جدًا أن يوجد عدة أشخاص في العالم يفكرون فيها.

ويوضح «عادل» أن المعنى الحقيقي للفكرة يظهر عندما نبدأ في العمل عليها وتطويرها ووضع تصور كامل بالتنفيذ.

لكن «عادل» يؤكد أنه رغم ذلك توجد سرقة أفكار، والتي تظهر في نقل العمل وتكراره «كوبي بيت» بتفاصيله، ثم نسبة الفكرة لغير أصحابها.

ويضرب خبير التسويق مثالًا ببعض إعلانات رمضان، التي جاءت تقليدًا كاملًا لإعلانات أجنبية، مع نسبة الفكرة للمخرج المصري، وليس لصحابها الأصلي.

وهنا يوضح الناقد الفني رامي عبد الرازق، في حديثه لـ«شبابيك» أن العمل الفني لابد أن تتوفر فيه الأصالة بمعنى أن الفكرة والمعالجة تكون جديدة على المشاهد ولا يشعر أنه رآها من قبل أو أن فيها نوع من التكرار، سواء تكرار المشاهد أو الحوار أو حتى طريقة التصوير.

اقرأ أيضًا: «آلاء.. رسمت بالبكتيريا وابتكرت مستحضرات تجميل طبيعية»

ويوضح عبد الرازق أن كلمة «مسروق» لا تقال على العمل الفني إلا إذا كان هناك تطابقًا في الشخصيات أو الحوار أو طريقة المعالجة، ولم يتم الإشارة للمصدر الأصلي، والذي يعتبر سوء نية في حد ذاته.

أما ما يحدث في الإعلانات من اقتباس بعض الألحان الشهيرة، فهو ليس سرقة أكثر من كونه «إعادة تدوير» للحن، وليس هناك ضرورة للإشارة للحن الأصلي، لأنه أشهر من أن يشار إليه؛ مثل إعلان «فودافون»  فبمجرد أن يسمعه المشاهد سيعرف أنه مأخوذ عن أوبريت «الليلة الكبيرة».

الفرق بين السرقة والتطوير

آبل ونوكيا

يوضح خبير التسويق أننا كمصريين لا نستطيع التفريق بين كلمة «Creativity» وتعني أن تكون أول من يبتكر فكرة ويعمل عليها؛ وبين كلمة «Innovation» وتعني البدء من حيث انتهى الآخرون، وتطوير فكرة قائمة بالفعل.

ويضرب «عادل» بشركة «نوكيا» و«آبل» مثالًا واقعيًا؛ فنوكيا هي صاحبة أول فكرة للهواتف الذكية أو اللوحية، وأعلنت ذلك للجميع لكنها خافت من التنفيذ؛ في حين أخذت شركة «آبل» التي كانت تعمل وقتها في مجال أجهزة الكومبيوتر فقط، وطورتها وتفوقت على صاحبة الفكرة الأصلية.

ويقول رئيس تحرير موقع «مصراوي» سامي مجدي، في حديثه لـ«شبابيك» إنه في مجال الصحافة تكون سرقة الأفكار واضحة جدًا؛ وهي عبارة عن تكرار نشر الموضوع الصحفي «كوبي ـ بيست» بدون أي إضافة جديدة، حتى لو تم تغيير الصياغة.

قد يهمك أيضًا: «للصحفيين.. 6 لغات هتوصلك للعالمية»

ويتفق مجدي على أن تطوير الفكرة هو العامل الأساسي الذي يفصل بين السرقة والعمل الأصلي. ويوضح بالأمثلة أن الصحفي من الممكن أن يقرأ خبر بإحدى الصحفي، ويخرج منه بفكرة جديدة، ويبدأ في البحث والمتابعة وإجراء اللقاء مع المصادر الصحفية للخروج بمعلومة مختلفة أو كشف حقيقة جديدة.

لكن لا يرى مجدي أن تكرار نفس الفكرة يعد نوعًا من السرقة، طالما يتناولها الصحفي بزاوية مختلفة ويبذل فيها الجهد. أما فيما يتعلق بالمعلومات الشائعة، فيؤكد أن الصحفي لا بد أن ينسب المعلومة لمصدرها الأصلي، وهذا ما تفعله الصحف والوكالات العالمية.

هل يعد الاقتباس سرقة؟

جراند أوتيل

يؤكد الناقد الفني رامي عبد الرازق أن الاقتباس مسموح به في الأعمال السينمائية والتليفزيونية بشرط أن يتم الإشارة للمصدر الأصلي، وأن يتم طرح الفكرة بشكل جديد وتطويرها وتناول زوايا أخرى لم يتطرق إليها العمل الأصلي. مثلما حدث مع مسلسل «ونوس» فهو مقتبس عن مسرحية «فاوست» للروائي الألماني «جوته» والتي تدور عن الإنسان الذي باع نفسه للشيطان، لكن المسلسل طور الفكرة وتناولها بشكل مختلف عن المسرحية الأصلية.

الأمر نفسه حدث مع مسلسل «جراند أوتيل».. يتابع «عبد الرازق» أن رواد السوشيال ميديا اعتبروا الفيلم مسروقًا عن مسلسل إسباني يحمل نفس الاسم، في حين أن المسلسل يعد تمصيرًا وليس سرقة.

ويوضح الناقد الفني أن التمصير هنا لا يعني تغيير اللغة، بل إعادة تناول الفكرة والحوار والشخصيات، بما يتناسب مع الجو المصري والشخصية والعادات المصرية، وكذلك طبيعة العلاقات العاطفية في المجتمع.

اقرأ أيضًا: «بعد موعظة القيصر.. هل هؤلاء الفنانون متناقضون ودراويش؟»

كيف أتعامل مع سرقة الأفكار

سرقة الأفكار2

ينصح رئيس تحرير «مصراوي» الصحفيين أن يناقشوا الأفكار الكبيرة والقيمة بينهم وبين رئيس القسم أو رئيسهم المباشر، دون علم الزملاء الآخرين، حفاظًا على مجهودهم من السرقة.

وفي حالة إذا تمت سرقة الفكرة بالفعل فسيكون على صاحبها الأساسي محاولة تطويرها إن أمكن والتفكير في معلومات أو زوايا مختلفة لم يتطرق إليها زميله الذي سرق الفكرة أو في حالة تنفيذها بشكل سيء.

أما فيما يتعلق بالمشروعات وريادة الأعمال، فيرى خبير التسويق «أحمد عادل» عدم نزول السوق إلا بعد أن تكون متمكنًا من الفكرة جيدًا، وهذا يشمل أن تفهم احتياجات السوق، وتحدد الشريحة المستهدفة؛ وتذاكر منافسيك جيدًا، وتفكر على المدى الطويل مع وضع خطة لتطوير الفكرة بمجرد نزولها السوق، للتغلب على المنافسة الشديدة.

اقرأ أيضًا: «قوة الصحفي في مصادره.. القواعد العشر لمكالمة المصدر»

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال