الجزار في السينما.. بلطجي وشهم وساذج وصفات أخرى

الجزار في السينما.. بلطجي وشهم وساذج وصفات أخرى

«بالجلبية اللي مليانة دم»، أطل فنانون مختلفون أمام الكاميرا مجسدين شخصية الجزار، وبالرغم من ملازمة صفة الثراء لجزاري السينما المصرية، اختلفت صفاتهم في الأدوار المختلفة بين بلطجي وشهم وساذج.

«أنا بياع اللوز»

اشتهر الفنان عبد المنعم إسماعيل بدور «المعلم عكوة» الجزار في فيلم أم رتيبة من إنتاج 1959؛ ومن خلال دوره، اتضح مدى الربح الوفير الذي يعود عليه من خلال عمله، فقال أمام مأمور مصلحة الضرائب، الذي لم يكن «عكوة» يعرف حقيقة عمله، إنه يكسب يوميا 10 جنيهات.

«أنا المعلم مدبولي أبو عضمة»

وظهر الفنان الكوميدي عبد الفتاح القصري مؤديا شخصية الجزار «مدبولي» في فيلم بين إيديك من إنتاج عام 1960. ومرة أخرى أكدت السينما أن الجزارة مهنة مربحة للغاية، فالمعلم «مدبولي» هو من يتولى الإنفاق على أقاربه عندما تعثرت أحوالهم المادية، ولكنه يظل يملي شروطه عليهم كي يستمر يغمرهم بماله.

وفي آخر مشهد بالفيلم، تقف برلنتي هانم لتعمل في محل الجزارة، بالرغم من أنها كانت دائمة الاعتراض على نسب المعلم مدبولي للعائلة؛ حيث كانت ترى أن الجزارة مهنة دون المستوى. وبعملها في المحل، أظهر الفيلم أن الجزارة مهنة لا تقتصر على الرجال فقط كما هو معروف.

«جزار مواشي وجزار بني آدمين»

وأطل الفنان عدلي كاسب مجسدا شخصية «المعلم عباس» الجزار في فيلم السفيرة عزيزة من إنتاج عام 1961. وكانت السمعة التي عرف بها بين أبناء منطقته بأنه «جزار مواشي وجزار بني آدمين» لأنه بلطجي يعامل الناس بالسكينة والساطور، كما أنه متحكم في ممتلكات أخته دون رضاها.

«تلاقيكوا انتوا اللي ماعرفتوش تسووها»

ويظهر الحاج مدبولي الجزار، أو الفنان محمد رضا، في القصة الأولى من فيلم 3 لصوص من إنتاج عام 1966، وهو يبيع لحم غير جيد ويشترط على السكان القاطنين بعمارته الشراء منه؛ فتظل الزوجة التي انتقلت وزوجها حديثا لتسكن بعمارة مدبولي، تطهو اللحم لمدة 4 ساعات، ويبقى نيئ، وعندما يذهب زوجها، أو الفنان صلاح ذو الفقار، للشكوى، يجده -الجزار- يغش في الميزان كذلك ويقول أن اللحم التي يبيعها جيدة، فيقرر الزوج سرقة مجوهرات زوجته انتقاما منه.

المعلمة أزهار والمعلم سيد الحمش

كما أظهر فيلم الزوج العازب من إنتاج عام 1966، أن مهنة الجزارة ليست مقتصرة على الرجال فقط؛ حيث أطلت الفنانة هند رستم مجسدة شخصية «أزهار» التي تتولى إدارة محل الجزارة التابع لزوجها بعد وفاته.

وفي الفيلم ذاته، جسد الفنان محمود المليجي شخصية المعلم سيد الحمش، ليقدم شخصية الجزار لأول مرة في أفلامه السينمائية.

«أمال هاندبح مين في الفرح؟»

وأطل محمد رضا مجسدا شخصية الجزار مرة أخرى في فيلم معبودة الجماهير من إنتاج عام 1967، ليبدو المعلم سلطان «ابن الحتة» الشهم الذي لا يتأخر عن مساعدة أبناء منطقته. كما أنه يحب الحق أيضا، فبالرغم من سماحه لابن حتته «إبراهيم»، أو الفنان عبد الحليم حافظ، بالسكن بداخل شقة في المنزل الذي يمتلكه هو، وتحمله لتأخره في سداد الإيجار، أجبره على العمل معه بمحل الجزارة حتى يسدد ما عليه، وذلك ليتمكن «سلطان» من دفع غرامة مطالب بها.

وليبين تأثره بمهنة الجزارة، لازمت بعض المصطلحات الخاصة باللحم لسانه، فمرة يقول: نهارك عجاني، وأخرى يقول: أمال هاندبح مين في الفرح؟!، ذلك بجانب تكرار ظهور الجزار كمالك لعمارة سكنية.

«إحنا حلاوة العنتبلي»

جزار أمي ولكنه أصبح ثريا بفضل عمله في الجزارة واستغلاله للناس من خلال بيعه للحم بأربع أضعاف ثمنه الأصلي، ولأنه عانى مرارة الجهل والشعور بالنقص، أصر على إلحاق ابنته بكلية الطب حتى يقول للناس: «بنتي الدكتورة راحت.. بنتي الدكتورة جت».. هكذا أطل الفنان صلاح نظمي في فيلم على بابا الوزير من إنتاج عام 1982، لتصبح تلك الشخصية أشهر ما قدم للسينما ويلقب لاحقا بـ«جزار السينما المصرية».

ولم يقف استغلال العنتبلي عند زيادة أسعار اللحم، بل أنه كان يستخدم طرق ملتوية للتخلص من أعدائه، فقام بتلفيق قضية رشوة لمحضر المحكمة الذي رفض مسبقا أن يقبل برشوة عرضها العنتبلي عليه، ثم فوجئ الأخير بابنته تريد الزواج من ابن ذلك المحضر؛ الأمر الذي رفضه بتاتا.

«ادبح يا زكى يا قدرة.. يدبح زكى قدرة»

بالرغم من أن البيئة التي تدور بداخلها أحداث فيلم حكمتك يا رب من إنتاج عام 1976، هي أجواء مهنة الجزارة والمدبح وتجاره وكبار معلميه، بقي «زكي قدرة» أشهر شخصية برزت بالفيلم؛ حيث أتقن الفنان عادل أدهم تجسيد الشخصية أمام الكاميرا، واشتهر بجملة: «ادبح يا زكى يا قدرة.. يدبح زكى قدرة.. اسلخ يا زكى يا قدرة.. يسلخ زكى قدرة»، محاولا الهرب بعد أن تورط أمام الشرطة بتلبسه في أزمة كبيرة.

«أنا براوية وماحدش يقدر عليا»

ومرة أخرى تثبت السينما أن مهنة الجزارة لا تقتصر على الرجال فقط، فتظهر نادية الجندي في فيلم المدبح من إنتاج عام 1985، مجسدة شخصية المعلمة أفكار التي تتولى إدارة محل الجزارة التابع لزوجها بعد وفاته، وتتحدى كبار التجار بالمدبح بالرغم من تهديد البعض منهم لها بأن: «كار المدبح ده عايز رجالة ومش أي رجالة».​​​​​​​

«صبح صبح يا عم الحاج»

«العيد فرحة .. ماء» و«تصدق سلخت قبل ما أدبح».. إفيهات كوميدية قالها الفنان محمد سعد مجسدا شخصية «بوحة الصباح» في فليم بوحة من إنتاج عام 2005، لتصبح تلك الشخصية، والتي اشتهرت بالجملة المتكررة «صبح صبح يا عم الحاج»، أشهر الجزارين الذين أطلوا أمام الكاميرا.

كما عرضت أجواء الفيلم بيئة جزاري المدبح بمختلف أنواعهم؛ فبجانب «بوحة» القروي الساذج الذي وجد نفسه مضطرا للعمل في الجزارة، فعمل بطريقة سليمة، هناك كذلك المعلم فرج ثابت، والذي جسده الفنان حسن حسني، المعلم الذي لا ينظر إلا لمصلحته فقط في المقام الأول، فيحرق زريبة مواشي مرة، ويستورد لحم أوشك تاريخ صلاحيته على الانتهاء مرة غير مكترثا إلا بمنفعته الذاتية.

وتقول الناقدة الفنية حنان شومان إن هناك صور نمطية تقدمها السينما بصفة عامة، ليس فقط مع الجزار، ولكن مع كل المهن المختلفة؛ ما يرجع إلى وجود فقر في الخيال، فيلجأ الكتاب إلى تعميم الشكل والملابس وطريقة الكلام عند تناولهم لشخصية معينة.

تضيف شومان: أما بخصوص ملازمة صفة الثراء للجزارين في الأفلام السينمائية، فهذا لا يمت للواقع بصلة، لأن الجزار في النهاية مجرد بائع للحم وليس مالكا للحم، فاللحم يمر اقتصاديا بأكثر من مرحلة حتى يصل إلى الجزار في المحل الخاص به، باستثناء أصحاب المزارع.

أماني عماد

أماني عماد

صحفية مهتمة بمجال الفنون والثقافة.. تهوى الكتابة عن السينما والأفلام، بجانب كتابة سيناريوهات أفلام واسكتشات وقصص قصيرة.