المشاكل الزوجية تؤثر على الأطفال وتسبب لهم هذه المصائب

المشاكل الزوجية تؤثر على الأطفال وتسبب لهم هذه المصائب

لا يخلو بيت من المشاكل الزوجية، وهي شيء لا يخفى على الأطفال، ولكن لا يعلم الزوجان، أن هذه الخلافات تؤثر على الأطفال نفسيا، بشكل يفوق توقعهما.. هذا التقرير من شبابيك يشرح المشاكل النفسية التي تظهر على الأطفال نتيجة الخلافات الزوجية، بالاستعانة ببعض الحالات، وخبراء الصحة النفسية، والعلاقات الأسرية.

الحرمان العاطفي

الأب والأم لدى الطفل، هما رمز الحب والحنان، وعندما يرى الطفل والداه في حالة صراع دائم، يشعر بانهيار هذا الرمز أمامه، وبالتالي يشعر بالحرمان العاطفي، خاصة أن الأب والأم ينهكهما الصراع، ويفرغ طاقة الحب لديهما، وبالتالي لايكون لديهما مشاعر يعطينها للأطفال، وتجد تعامل الطفل مع الآخرين، يتصف بالعنف، والعدوانية الدائمة، تعبيرا عما رآه من والديه، وفقا لرؤية استشاري الطب النفسي الدكتور خالد العطار.

هذا فضلا عن مشاعر الكره التي يكنها الطفل لوالده أو والدته، إذا قررا إفراغ طاقة غضبهما عليه، مثلما حدث مع «عزة .ك»، التي تعبر عن غضبها من زوجها بضربها لابنتها الصغيرة، دون أي سبب، ما جعل الفتاة تكرهها بشدة، وتصرح بذلك لها دائما.

فقدان الأمان

استشاري العلاقات الأسرية الدكتورة غادة السمني تقول إن الطفل يستمد الشعور بالآمان من والديه، ولكن عند صراعهما المستمر أمامه يشعر بفقدان الإحساس بالآمان، ويبحث عنه بالخارج، وبالتالي قد يكون عرضة للتعرض للتحرش الجنسي، من قبل معلميه في المدرسة، أو زملائه، أو أن يكون هو متحرشًا.

احتمالية التعلق بشخص أكبر

هاجر علي، اسم مستعار، تقول: «من وأنا صغيرة بشوف بابا وماما بيتخانقوا على طول، وعلى أي سبب يعملوا مشاكل، وخناقات، وماما كانت بطلع غلبها علينا، كنت دايما بحس إني محرومة من الحب لحد ما لقيته من مدرسي وأنا في ثانوي، وحبيته جدا، واتعلقت بيه، وتوهمت إنه بيحبني، وكان بيهتم بيا، وياما كنا بنقعد لوحدنا في مكتبه كتير، لحد ما مرة لقيته اتهجم علي، وقتها استسلمت، وحضنته، بس متجاوزتش دا، وطلعت أجري منه، وفضلت منهارة، ونفسيتي مدمره تماما، الإنسان الوحيد الي وثقت فيه، وحسيته حنين، وطيب، وبيحبني، لقيته كان بيبصلي بصة مش كويسة، أنا فقدت الثقة في كل الناس».

«هاجر» كانت ضحية لخلافات والديها الدائمة، مما جعلها تتعلق بشكل مرضي بشخص استغل هذا الحرمان بطريقة خاطئة، وكانت معرضة لأن تستسلم له في لحظة ضعف، الأمر الذي كانت ستدفع ثمنه طيلة حياتها.

«السمني» تؤكد أن التعلق المرضي لايقتصر على التعلق برجل، فقد يصل التعلق إلى صديق ما، أو أي شخص، يسيء هذا التعلق، ويبتعد، مما يدمر نفسية الطفل.

السرقة

استشاري العلاقات الأسرية توضح أن الحرمان العاطفي الناتج عن الخلافات الأسرية، يخلق طفل ضعيف الشخصية معرض للضرب والإساءة دون الإقدام على الدفاع عن ذاته، أو شخصية متمردة، عصبية، تتعمد إيذاء غيرها، أو قد يلجأ إلى السرقة، مشيرة إلى انتشار حالات السرقة بين الأطفال الصغار.

كُره وعدم نسيان

استقطاب الأم أو الأب لأحد الأطفال، وبث نوع من العدائية بداخله، بمعنى أن يشكو أحد الوالدين للطفل من الآخر، يجعل الطفل يتحامل على الطرف الآخر، مثلما حدث مع هبة عطية، (اسم مستعار).

«هبة» تقول: «طول عمري بشتكي لولادي من جوزي اللي هو بابهم، ومكنتش عارفة، أن شكوتي دي هتكون سبب كره ولادي لأبوهم فيما بعد، وده اللي بعاني منه دلوقتي، ولادي بيكوهوا أبوهم جدا، ومش بيسمعوا كلامه، ولا حتى بيحترموه، وأنا اللي زرعت ده جواهم من غير ما اعرف».

«هبة» وقعت في خطأ كبير، وفق استشاري العلاقات الأسرية، وذلك عندما كانت تشكو من زوجها لأولادها، فما يحدث بين المرأة وزوجها لا يجب أن يعرفه أحد خاصة الأبناء، فـ«هبة» شكت لأطفالها من مشكلات أكبر من سنهم، أثرت بالسلب على نفسيتهم، وجعلتهم يكرهون والدهم، فضلا عن عدم استقرار مشاعرهم تجاه الأم، خاصة أنها قد تكون شكت من الأب في حال غضبها منه، وما إن هدأت تناست كل المشاكل، ولكن الأطفال لن تنسى.

مشكلات نفسية

ماذا تنتظر من طفل يرى قدوته «والداه»، يتشاجران بشكل دائم، هو بالتأكيد سيصاب بأمراض نفسية خطيرة، وفقا لما قاله خالد العطار، ومن هذه الأمراض، الفصام، الوسواس القهري، وعدم القدرة على إقامة علاقات طويلة المدى، والتعرض للإنعزال، والانطوائية، والتبول اللا إرادي، والتأخر في الدراسة، والخوف من المدرسة، وعدم الرغبة في الذهاب إليها، واحتمالية الدخول في طريق الإدمان، سواء أكان المخدرات، أو المواقع الإباحية.

لعل هذه المشاكل تحدث نتيجة خلافات الزوجين الدائمة، والتي تحدث أمام الأطفال، ولا نقول لاتختلفوا، أو تتشاجروا، ولكن افصلوا أطفالكم عن مشاكلكم حتى لايدفعوا هم الثمن.

العلاج 

وانطلاقا من أهمية فصل الأطفال عن المشاكل الزوجية قدم الدكتور خالد العطار روشته للزوجين للتعامل مع الأطفال في حال حدوث مشاكل زوجية:

- اعلموا أن الخلافات الكثيرة تزرع جو من الكآبة، والحزن في البيت، ويتأثر به الأطفال قبل أي شيء، لذا حاولوا أن تحسموا المشاكل بينكما أولا، ولا يجب أن تناموا، وفي قلب أحدكم خصام، أو غضب من الآخر.

- الخلافات محلها غرفة النوم الخاصة بكما، ولا يجب أن يعلوا حتى صوتكما حتى لا ينتبه الأطفال لخلافكما.

- في حالة الخصام، لاتعلنوا ذلك أمام الأطفال، حتى لا تتأثر نفسيتهم.

- الابتعاد عن الإهانات، أو اللجوء إلى الكلمات القاسية، أو الألفاظ الخارجة، أمام الأطفال، حتى لا يتعلموها.

إضافة إلى أهمية عدم الشكوى من أحد الطرفين للأطفال، وعدم إدخالهم في حسابات أكبر من سنهم، واحتواء الأطفال، وغمرهم بمشاعر الحب، والمودة، وعدم إظهار أي غضب خاص بالوالدين أمامهما.

حسناء الشيمي

حسناء الشيمي

صحفية مصرية تهتم بالكتابة في ملف العلاقات واللايف ستايل