حراك الطلاب والعمال في مصر.. محطات النضال المشترك ضد الاحتلال والحكومات
لم يكن النضال في مصر ضد الاحتلال وسياسات الحكومات مقتصرا على فئات بعينها، لكن تبقى الكتلة الطلابية وفئات العمال هم الشريحتين الأقوى في الانتفاضات والأحداث الكبيرة.
ارتبطت الحركة الطلابية في كثير من مواقفها بتكتلات العمال، كما شهدت إحدى الحقب عن تشكيل جبهة موحدة تضم الشريحتين لقيادة الشارع المصري بجميع طبقاته.
العمال والطلاب.. جنبا ينتفضون إلى جنب في الشارع المصري، وكانت هذه أبرز المحطات التي جمعتهم.
العمال والطلاب في انتفاضة 1935/1936
شارك العمال انتفاضة طلاب مصر في 1935/1936، والتي اندلعت بسبب إعلان بريطانيا عدم صلاحية تطبيق دستور 1923، وشارك عدد كبير من فئات المجتمع في هذه الانتفاضة.
الطلاب بدأوا انتفاضتهم بالتنسيق مع المقار الحزبية، ونزلوا الشارع في 13 نوفمبر واصطدم الطلاب بقوات البوليس على كوبري عباس في اليوم التالي، وأثارت المظاهرات والإضرابات الطلابية عاصفة من ردود الفعل المتعاطفة معها، من بين النقابات المهنية والصحف وأصحاب المحال التجارية والمدرسين وحتى القضاة، وأغلقت الجامعة عدة مرات لمدة أسبوع فى كل مرة.
النتائج
تكوين جبهة وطنية موحدة من كل الأحزاب السياسية.
أصدر القصر الملكي فى 12 ديسمبر 1935 مرسوما ملكيا بإعادة دستور 1923 استجابة لمناشدة زعماء الجبهة الموحدة.
انتفاضة 1946 وتشكيل اللجنة الوطنية للعمال والطلبة
شهدت الفترة من 17 إلى 19 فبراير 1946 محاولة جادة للتنسيق بين حركة الطلاب وحركة الطبقة العاملة، وكان الطلاب اليساريون هم المحركون الأساسيون لهذه المحاولة.
عقب أحداث كوبري عباس في 9 فبراير تشكلت جبهة مشتركة من العمال والطلاب تحت اسم «اللجنة الوطنية للعمال والطلبة»، وأصبحت أبرز اللجان الطلابية وانتخبت الطالبة ثريا أدهم والعامل حسين كاظم سكرتيرين لها.
دعت اللجنة الوطنية للعمال والطلبة إلى إعلان يوم الخميس 21 فبراير سنة 1946 يوماً للجلاء كما دعت إلى الإضراب العام في بيان كان جزء منه «قررت نقابات عمال القطر المصرى وطلبة الجامعات المصرية والأزهر، والمعاهد العليا والمدارس الخصوصية والثانوية أن يكون يوم الخميس 21 فبراير 1946 يوم الجلاء يوم إضراب عام لجميع هيئات الشعب وطوائفه، يوم تتعطل فيه المرافق العامة ووسائل النقل والمحلات التجارية والعامة ومعاهد العلم والمصانع فى جميع أنحاء القطر».
النتائج
اندمج العمال والطلبة في تكتل واحد لأول مرة، ونظموا إضرابات ومظاهرات 21 فبراير و 4 مارس واستمرت موجودة حتى 1946 .
ويقول القيادي اليساري، ميشل كامل، وأحد القيادات النشطة فى تلك الفترة «اللجنة الوطنية للعمال والطلبة عام 1946 احتلت بسرعة خارقة موقع الزعامة غير المنازعة للشارع المصري».
كانت الاستجابة لهذا البيان كبيرة، وخرجت مظاهرات ضخمة فى العديد من المدن، وخرج عشرات الآلاف طلاب وعمال وغيرهم من الفئات واتجهوا إلى قلب العاصمة.
إصدار اللجنة الوطنية للعمال والطلبة قرارا بوضع ميثاق وطني يوقع عليه زعماء البلاد يلزمهم عدم قبول الحكم إلا على أساس تصريح بريطاني يعترف بالجلاء التام عن وادى النيل كأساس لللمفاوضة.
كما أصدرت اللجنة بيانا يطالب بتحديد موعد نهائي للجلاء، أو عرض النزاع على مجلس الأمن الدولي.
إعلان يوم 4 مارس «يوم الشهداء» تخليدا لذكرى الطلاب الذين قتلوا فى 21 فبراير.
نجاح إضراب 4 مارس وإغلاق المحلات والمدارس.
إعلان رئيس الوزراء البريطاني «كلمنت أتلي» في 8 مارس 1946 عزم القوات البريطانية على الانسحاب من القاهرة والدلتا وتمركزها في القاعدة البريطانية في منطقة قناة السويس.
انتفاضة فبراير 1968 (عمال حلوان والطالب المصري)
اندلعت انتفاضة عمالية في حلوان يوم 21 فبراير 1968 فور إعلان حكم المحكمة العسكرية فى قضية ضباط سلاح الطيران المتهمين بالإهمال، وكان الرأى العام يرى أنهم مسئولون عن جانب كبير من الهزيمة العسكرية في نكسة يونيو 1967.
واعتبر عمال المصانع الحربية وكذلك زملاؤهم من عمال الصناعات الأخرى أن الأحكام مخففة للغاية، وخرجوا للشارع وأصيب عشرات منهم فى صدامات مع شرطة حلوان.
وحاولت الحكومة احتواء الانتفاضة فى مراحلها الأولى في حلوان، فبينما كان العمال يعدون للقيام بمظاهرة أمام مجلس الأمة وقصر الرئاسة، أقنعتهم قيادات الاتحاد الإشتراكي بأن تقتصر المظاهرة على مقر الاتحاد الإشتراكي فى منطقة حلوان على مقربة من قسم البوليس حيث حدثت المواجهة بين العمال والشرطة فى آخر الأمر.
تصاعدت الأحداث التى بدأت بهذا الاحتجاج لتتحول إلى انتفاضة جماهيرية واسعة شارك فيها الطلبة بدور فعال.
وتصادف أن يوم 21 فبراير هو يوم الطالب المصري، وتحولت الاحتفالات بذلك اليوم إلى سلسلة من حلقات النقاش السياسي، حول الوضع السياسى فى اعقاب المحاكمة، وخرج الطلاب للشوارع ويشاركهم العمال في المظاهرات حتى 27 فبراير ونتج عن انتفاضة القاهرة وحدها مصرع اثنين من العمال.
لماذا 17 نوفمبر يوما عالميا للطلاب؟
انتفاضة الخبز 1977
مشهد آخر من المشاهد التي جمعت الطلاب والعمال في الشارع المصري يشاركهم باقي فئات الشعب، بعد قرار الحكومة برفع أسعار سلع أساسية مثل الخبز والشاي والأرز والسكر واللحوم والمنسوجات، بنسبة تصل إلى الضعف.
بدأت الانتفاضة بعدد من التجمعات العمالية الكبيرة في منطقة حلوان بالقاهرة في شركة مصر حلوان للغزل والنسيج والمصانع الحربية وفى مصانع الغزل والنسيج في شبرا الخيمة وعمال شركة الترسانة البحرية في منطقة المكس بالأسكندرية.
انضم الطلاب للعمال ومعهم الموظفين والكثير من فئات الشعب المصري في شوارع وميادين القاهرة والمحافظات يهتفون ضد النظام والقرارات الاقتصادية.
وفرضت الحكومة حظر التجوال ونزل الجيش إلى المدن للسيطرة على المظاهرات وألقي القبض على آلاف المتظاهرين من العمال والطلبة.
انتفاضة العمال في 6 أبريل 2008
دعا عمال مصانع المحلة الكبرى بمحافظة الغربية للإضراب في 6 أبريل 2008، اعتراضا على الغلاء وسوء أحوالهم، تحول الإضراب إلى إضراب عام في مصر بعد تبني بعض المدونين والشباب المصري الفكرة.
وجاء تضامن الطلاب مع العمال من جامعة حلوان، فقد نظم طلاب حركة مقاومة مظاهرات داخل الحرم الجامعي للإعلان عن تأييدهم لمطالب عمال المحلة.