لائحة الجامعات من ناصر للسيسي.. تاريخ من المعارك بين الطلاب والحكّام
تعتبر اللائحة الطلابية هي الدستور الذي ينظم أنشطة الطلاب وفاعلياتهم داخل الحرم الجامعي، ومنذ الخمسينات خاض الطلاب نضالا مع الأنظمة والحكام لإقرار لائحة طلابية تمكنهم من ممارسة الأنشطة والتعبير عن آراءهم والمطالبة بحقوقهم واختيار من يمثلونهم دون تدخلات من أي جهة.
لائحة 1958
بعد ثورة 1952 كانت الجامعات أحد منابر الثورة والمناداة بالديموقراطية ونادى الطلاب بإلغاء الأحكام العرفية في 1954 ورجوع الجيش لسكناته، ومع اشتعال الاحتجاجات الطلابية ألقي القبض على العديد من الطلاب وأوقفت الدراسة في الجامعات.
استطاع النظام الحاكم السيطرة على الجامعات بصدور لائحة 1958 والتي شملت ضمان ولاء طلاب الاتحاد للنظام والحد من الاستقلال التنظيمي للاتحاد وحظر النشاط السياسي والديني.
التمرد على لائحة 1958
عقب نكسة 67 حدثت انتفاضة جماهيرية بدأت بعمال مصانع الطيران وشارك طلاب الجامعات في الاحتجاجات وناقشوا وضع محاكمات ضباط الطيران ووضع اللائحة الطلابية، لكن الأجهزة الأمنية ردت باعتقال القيادات الطلابية ما زاد من حدة الأحداث.
مهّد هذا الحراك لإزالة القيود التي فُرضت على النشاط الطلابي وأضيفت مادة جديدة على اللائحة، وكذلك مهدت الطريق لصدور لائحة 1976 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.
لائحة 76 و79
صدرت لائحة طلابية جديدة عام 1976، حظرت فيه أي عمل طلابي خارج نطاق الاتحاد، واعتبرت العمل السياسي أحد أشكال العمل الطلابي المتاحة، وأكدت على استمرار اتحاد طلاب الجمهورية واستبعاد وجود أعضاء هيئة تدريس في تشكيل الاتحاد، وهذه اللائحة اعتبرها البعض من أفضل اللوائح.
لكن مع أحداث انتفاضة الخبز في يناير 1977 والتي قاد فيها طلاب الجامعة مظاهرات احتجاجية ضد غلاء الأسعار وانتهت بالقبض على عدد منهم ومحاكمتهم، شعرت الحكومة أن الطلاب يشكلون خطرا حقيقيا من خلال قدرتهم على التأثير على الشارع المصري.
وجاء رد فعل الحكومة بصدور لائحة 1979 الأشهر والأطول عمرا في تاريخ اللوائح لتقييد الطلاب وأنشطتهم، وانتهت معها أشكال العمل الطلابي التي كانت متاحة وعلى رأسها العمل السياسي، وسمحت بالتواجد الأمني داخل الجامعة.
الاتحاد الحر ونضال الطلاب ضد لائحة 1979
مطالبات كثيرة منذ الثمنينات بإلغاء لائحة 1979 التي أصدرها الرئيس الراحل أنور السادات والتي عرفت بـ«لائحة أمن الدولة»، لكن ذروة نضال الطلاب ضد هذه اللائحة ظهر مع مبادرة «الاتحاد الحر».
وفي عام 2006 انطلقت شرارة الاحتجاجات على لائحة السادات من جامعة الأزهر، حيث وضعت إدارات رعاية الشباب قيودا على شروط الترشح للانتخابات وساعدت على شطب الطلاب من القوائم النهائية للمرشحين .
وتظاهرت الحركات الطلابية اعتراضا على ما وصفوه بالتلاعب ببنود اللائحة، واستدعى الحرس الجامعي قوات الأمن المركزي ودخلت السيارات المصفحة داخل الجامعة، وشارك في المظاهرات أعضاء من هيئة التدريس، وكان لطلاب جامعة الإخوان الدور الأبرز في هذا الحراك.
فتح باب الترشيح لعدة ساعات وليوم واحد فقط ولم يعرف به الكثير من الطلاب، ومع انتظار قوائم المرشحين النهائية، تم شطب الطلاب المنتمين للحركات الطلابية وغير المرضي عنهم من إدارة الجامعة، وفاز الطلاب المحسوبين على الدولة، ثم جاءت مبادرة طلاب الإخوان بالدعوة لانتخاب اتحاد طلابي حر ليكون بديلاً لاتحاد الطلاب الرسمي ويضم الطلاب المستقلين وغيرهم من طلاب الحركات، وشاركت عدد من الجامعات في هذه المبادرة مثل القاهرة وحلوان، وكان لكل جامعة آلية مختلفة في التنفيذ عن الأخرى.
هذا الحراك الطلابي ضد لائحة 1979 كان أحد العوامل الرئيسية في صدور لائحة 2007 في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.
الثورة على لائحة 2007
عقب ثورة يناير، كانت أولويات الطلاب متجهة نحو تغيير لائحة 2007 ووضع لائحة جديدة تضمن حرية الطلاب في تنفيذ الأنشطة والتعبير عن آرائهم واختيار مجالس اتحادات تعبر عن عموم الطلاب.
جمدت لائحة 2007، وأجريت الانتخابات الطلابية وفق لائحة عام 1979 مع إجراء تعديلات تتيح حرية الترشح والتصويت وعدم التدخل في إرادة الطلاب وكان لتيار التيار الإسلامي النصيب الأكبر من المقاعد.
بعد انتهاء تشكيل مجالس الاتحادات الطلابية بكل الجامعات المصرية خرجت مبادرة من مجموعة طلاب بإعادة تشكيل الاتحاد العام لطلاب مصر بعد ٢٧عاماً من إلغاؤه مع إقرار لائحة ١٩٧٩.
واتفق ٦٤ طالب هم رؤساء اتحادات جامعات مصر ونوابهم ممثلين ٢٠ جامعة حكومية و١٢ جامعات خاصة على صيغة مشتركة لكيفية إنشاء اتحاد موحد لطلاب مصر.
تم توجيه دعوات لكل طلاب مصر بحضور المؤتمر التأسيسي للاتحاد والذي استضافته الجامعة الأمريكية بالقاهرة وساهمت في تنظيمه في الفترة من ١٨ إلى ٢٠ أغسطس ٢٠١١.
عقدت بعد ذلك عددا من الورش والندوات الطلابية تميهدا لإقرار لائحة 2013 التي اعترض عليها عدد من طلاب الحركات.
لائحة 2013 وتعديلاتها
مطلع عام 2013 أصدر رئيس مجلس الوزراء، الدكتور هشام قنديل، قرار يتضمن إقرار اللائحة الطلابية الجديدة، والتي أجريت على أساسها انتخابات اتحاد الطلاب الجامعات، وتشكيل اتحاد طلاب مصر، فاز برئاسته محمد بدران الذي أسس بعد ذلك حزب مستقبل وطن.
بعد أحداث 3 يوليو وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، جمدت الاتحادات الطلابية وأوقف النشاط الطلابي بسبب أحداث العنف التي شهدتها العديد من الطلاب.
وفي عام 2014 صدرت لائحة مالية وإدارية جديدة في عهد وزير التعليم العالي الأسبق، الدكتور السيد عبدالخالق، شددت في شروط الترشح وحددت من صلاحيات مجالس الاتحادات.
نهاية 2015 أجريت الانتخابات الطلابية وفاز فيها الطلاب المستقلون، لكن وزارة التعليم العالي رفضت إعلان تشكيل اتحاد طلاب مصر، وبرر وزير التعليم السابق، أشرف الشيحي، رفض الإعلان بوجود أخطا قانونية في إجراء الانتخابات.
وجاءت تصريحات الوزير بأن الانتخابات أجريت وفق لائحة 2007 وليس 2013 صادمة للطلاب، وناضلت الاتحادات لإعلان تشكيل اتحاد طلاب مصر لكن دون جدوى.
كيف أهدرت تعديلات اللائحة الطلابية مكتسبات 2013؟
انتهاء صلاحية لائحة 2013
ومع بدء العام الدراسي 2016/2017 قرر «الشيحي» عدم إجراء انتخابات جديدة واستكمال الاتحادات لأعمالها لحين إقرار لائحة طلابية جديدة.
شكلت الوزارة لجنة برئاسة الدكتور عبدالوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس وعدد من الطلاب والخريجين والمتخصصين، وسلمت في أبريل 2017 مسودة اللائحة الجديدة لوزير التعليم العالي، الدكتور خالد عبدالغفار، لعرضها على المجلس الأعلى للجامعات وإقرارها.
أبرز معالم هذه اللائحة كان إلغاء اتحاد طلاب مصر، اشتراط نسبة حضور 50%+1 لصحة الانتخابات الطلابية، وتمثيل الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ورفضت عدد من اتحادات طلاب الجامعات والحركات الطلابية اللائحة، واتخاذهم كافة الإجرائات القانونية للطعن على تلك اللائحة في حالة إقرارها.
وفي 19 أغسطس 2017 أقر المجلس برئاسة الدكتور خالد عبد الغفار، اللائحة الجديدة، وتطبيقها بدءا من العام الدراسي 2017/2018.