لماذا نخاف؟.. هكذا تستعد جيدا لتحمي نفسك من الخطر
المنزل غارق في الظلام، والهدوء يغلف كل شيء رغم صوت التلفاز الذي تجلس لمشاهدته؛ وبينما أنت وحيد تماما ومستغرق في فيلمك المفضل، ترى النافذة وهي تنفتح فجأة وتصطدم بشدة، ثم تتسارع دقات قلبك وأنفاسك.. تتحفز عضلات جسدك.. وربما تقفز خوفا من مكانك أو تتخذ وضعية الهجوم أو تبتعد فجأة دفاعا عن نفسك، بينما تشعر بخوف شديد.
أنت لست مصابا بالاكتئاب كما تظن
لماذا نخاف؟
الخوف ليس أكثر من سلسلة تفاعلات تحدث داخل المخ، وتحتاج أولًا لسبب محفز من العالم الخارجي، ليفرز المخ مجموعة من المواد الكيميائية التي تسبب عدة تغيرات في أجسامنا، مثل سرعة ضربات القلب والتنفس وتحفيز العضلات وتنشيطها، مع شعور نفسي بالخوف.
هذه التغيرات يطلق عليها استجابة «الكر والفر» أو وضعية «القتال والهرب» فالشعور بالخوف مع زيادة ضربات القلب والتنفس بسرعة، تجعل الدم والأكسجين يتدفقان بكميات كبيرة للعضلات التي تنشط فجأة حتى تعطيك قوة للتصرف في المواقف التي تهدد حياتك، فتستطيع المواجهة والمقاومة عندما تتعرض للهجوم، أو تمكنك من الهرب والجري بسرعة شديدة لحماية نفسك؛ وفقا لموقع «How stuff Works».
وهذا يفسر لنا لماذا نبتعد بسرعة شديدة غير معتادين عليها عندما نشعر بالخوف من سيارة تقترب منا فجأة، أو عندما يحاول شخص الاعتداء علينا أو حتى عندما نرى حشرة صغيرة نخاف أن تؤذينا.
رد الفعل السريع
المخ يضغط في حالة «الكر والفر» بسرعة شديدة وفي جزء أقل من الثانية، وكأنه يقول لك ليس هناك وقت ويجب أن تستعد فورا وبأقصى سرعة.. يجب أن تخاف لأن هناك شيء قد يهدد حياتك.
فالنافذة التي تنفتح دون مقدمات، قد تكون بسبب الرياح، وقد تكون بسبب لص يهاجم المنزل، لكن المخ يتخذ الوضع الأكثر احتياطًا، ويطلق إشارات الخوف والمواد التي تجهز جسمك للدفاع عن نفسه.
ضعف الشخصية.. الأسباب والسمات والعلاج
فبمجرد أن تقع عيناك على النافذة وهي تفتح فجأة يتم إرسال هذه المعلومة للمخ، ولأن المخ لا يعلم إذا كان هذا يعد خطرا حقيقيا أم لا، فهو يدخلك في وضع «الكر والفر» احتياطيا.
وبعد أن تستعد جيدا للمواجهة، يبدأ المخ في استنتاج إذا كان هناك خطر بالفعل أم لا؟ وإذا تبين أنه ليس هناك خطر حقيقي فإن يقرر أن يُخرج الجسم من وضعية «القتال أو الهرب» لتهدأ تدريجيا وتعود لحالتك الطبيعية.
لماذا نخاف من أشياء معنوية؟
الشعور بالخوف ورد الفعل المتحفز المصاحب له، كان ضروريا جدا للإنسان القديم، فالمخ يفرز المواد الكيميائية التي تمنح الإنسان القوة والطاقة على الهرب من الحيوانات المفترسة أو مواجهتها والتغلب عليها.
وكما أن المخ لا يستطيع في بادئ الأمر التفرقة بين الخطر الحقيقي وغيره، فهو لا يفرق أيضا بين الخطر الذي يهدد حياة الإنسان والمخاوف المعنوية مثل الخوف من الامتحان، أو الخوف من المرض، أو الخوف من فقدان الأحباب، والتي لا تحتاج لوضعية «الكر والفر» ونشعر معها بنفس الأعراض مثل التوتر ونشاط الجسم وعدم القدرة على النوم!
لكن إذا كان الخوف من هذه الأشياء المعنوية قد يكون مفيدا ليساعدنا على الاستعداد جيدا للامتحان، أو الاهتمام بصحتنا، وقضاء وقت أفضل مع عائلتنا، لكن الأعراض المصاحبة للخوف يمكن السيطرة عليها بالأفكار؛ فهذه الطاقة الهائلة التي ينتجها الجسم من المفترض أن يتم تفريغها في أثناء الدفاع عن النفس وإلا انحبست داخل الجسم وسببت مشاكل صحية.
ويمكننا أن نسيطر على هذه المخاوف المعنوية بالسيطرة على أفكارنا؛ فالشعور بالخوف يحتاج إلى معلومة تحفز المخ من العالم الخارجي، بدليل أننا إذا رأينا أسدًا في الغابة فنشعر بالخوف الشديد ويتحفز جسمنا للهرب فورا؛ بينما إذا رأينا الأسد نفسه في حديقة الحيوان فنشعر بالبهجة والسعادة والمغامرة، وفقا لموقع مجلة «Smith sonian».