حب الذات مفيد ومميزاته كتير.. هكذا تعشق نفسك دون أنانية
حين كتب الأديب الراحل يوسف السباعي روايته الشهيرة «أرض النفاق»، سبب مفاجأة عجيبة لجمهوره من القراء بالإهداء الذي كتبه في الصفحة الأولى على سبيل العادة.
كان إهداء «السباعي» فريدًا من نوعه، لم يفعل مثل أغلب المؤلفين ويهدي الكتاب إلى حبيبته أو أهله أو صديقه أو حتى إلى جمهوره، بل أهدى الكتاب ببساطة إلى نفسه.
لماذا فعل الأديب الشهير شيئًا كهذا؟، لماذا يعلن عن حبه نفسه إلى هذا الحد؟. الواقع أن حب الذات له فوائده العديدة.
يجنّبك النفاق
إذن لماذا يكتب شخصٌ ما إهداءً إلى نفسه؟، يفسر «السباعي» في نهاية كلامه
«إلى خير من استحق الإهداء، إلى أحب الناس إلى نفسي وأقربهم إلى قلبي، إلى يوسف السباعي ولو قلت غير هذا لكنت شيخ المنافقين من أرض النفاق»
أستاذة علم النفس بكلية عين شمس سناء محمد سليمان، ترى في كتابها «سيكولوجية الحب والانتماء» إن الاعتقاد الشائع بأن حب الذات أنانية ليس إلا خطأ بحتًا، لأن حبك لنفسك دون إساءة للآخرين وإعلان هذا الحب سيجعلك أكثر ارتياحًا ويجنبك النفاق.
يبتعد بك عن السوء
حين تحب نفسك، لن تؤذيها بأية أفعال سيئة أو مشينة، ولن تلقي بنفسك في دوامة الاكتئاب والضيق كما يقول التعبير العامي «تنكد على نفسك».
أحيانًا يكره المرء منّا نفسه فيعاقبها بلا ذنب، لدرجة أنه يخشى الفرحة ويرتعب منها ويرى نفسه لا يستحقها، وهذا ما يُسمى بالـ«شيروفوبيا» أو الخوف من السعادة. هكذا يبتعد بك حب ذاتك عن الضرر النفسي والجسدي.
يجعلك أكثر تسامحًا
كيف تسامح الآخرين إن كنت لا تسامح نفسك؟، وكيف تحب المخلوقات جميعها الحب الحقيقي دون أن تحب نفسك؟، فإن كنت لا تبالي بمشاعرك فحتمًا لن تبالي بمشاعر أهلك وأحبابك.
حين تجد نفسك قاسيًا على الآخرين وغير قادر على المسامحة والتعاطف، قد تكون في الأصل منتقمًا من نفسك التي لا تتعاطف معها ومع ألمها، لهذا يجب أن تحب نفسك وتسامحها أولاً.
يدفعك كي تنجح وتتميز
في كتابه «تطوير الذات» يرى المؤلف عبد الرحمن أحمد سيف أن حب النفس هو الأساس في التطور والنجاح، لأنه يدفع الإنسان للسعي مرة بعد مرة والمحاولة بجد حتى الوصول، فإن كنت لا تسعى من أجلك أنت في المقام الأول.. فلأجل من تسعى؟.
تُوظّف عيوبك
من ناحية أخرى، حبك لنفسك يجعلك تتقبل عيوبك التي لا تستيطع تغييرها، بل يجعلك ترضى عنها وتتأقلم معها وربما توظفها حتى تصل إلى أبعد ما يمكنك، ولا يستغلها أحد ضدك.
في الملحمة الروائية الشهيرة «أغنية الجليد والنار» الشهيرة بـ«صراع العروش» يقول «تيريون لانيستر» أحد أبرز الشخصيات عن كونه قزمًا وقبيحًا جدًا بخلاف باقي أسرته النبلاء الوسيمين: «اعترف بعيوبك واجعلها سلاحك، هكذا لن يعايرك بها أحد».
البحث عن الذات في صراع العروش.. هل يربح الأعرج؟
لماذا لا تحب نفسك؟
في كتابها «سيكولوجية الحب والانتماء»، تعدد أستاذة علم النفس بكلية عين شمس سناء محمد سليمان أسباب فقداننا حب أنفسنا:
خبرات الفشل
ربما يتعرض الإنسان للفشل أكثر من مرة، وفي أكثر من مجال كذلك، كفشله في العمل أو الحب أو الصداقة وغيرها من الأمور، هكذا يظن أنه فاشل بطبعه ويكره نفسه الفاشلة الأقل قيمة من الآخرين.
الإحساس بالذنب
كم مرة شعرت فيها بالذنب ليترك فيك هذا الشعور أثرًا يستمر حتى الذنب التالي والذي يليه، خاصة ما يرافق شعور الذنب من مشاعر أخرى سلبية كالخجل والإحراج ولوم النفس، كل هذا يجعلك تكره نفسك.
صورتك الذاتية عن نفسك
كيف ترى نفسك بشكل عام وسط الآخرين؟، ربما يراك الناس شخصًا جديرًا بالحب والإعجاب لكنك ترى نفسك عكس الجميع، خاصة إن كنت لا تقدر نفسك حق التقدير وتحقر من شأن ذاتك دومًا.
إذن كيف تحبها؟
كيف تحب نفسك؟.. بالنظر لأسباب كرهك لذاتك، تخبرك أستاذة علم النفس أن تغيير جهتك أمر ممكن، انتبه لهذه النصائح:
-
اقبل نفسك وعيوبك كما هي، اعترف بظروفك الاجتماعية والاقتصادية، بهذه الطريقة ستعيش في الحاضر لا في الماضي وتحسن من نفسك.
-
توقف عن إدانة ذاتك وحسب، فالتغيير ليس بالحكم على نفسك وعلى غيرك من مقاعد القاضي فقط، بل يجب أن نغفر لأنفسنا كما نطلب المغفرة من الخالق.
-
صحح صورتك الذاتية عن نفسك، بمعرفة الحقيقة والسؤال عنها لمن يراها، وليس كما تراها أنت فقد تكون واهمًا.