رئيس التحرير أحمد متولي
 حين يؤدي الخوف إلى الفشل.. لماذا لا ينجح الموهوب؟

حين يؤدي الخوف إلى الفشل.. لماذا لا ينجح الموهوب؟

كتبت الطالبة بقسم الميكانيكا منة محمد، على جروب الدفعة، المسائل الصعبة المتوقعة في الامتحان، فمادة الـ Structure صعبة والجميع خائفون منها، لهذا كانوا ممتنين لـ«منة» التي نشرت المسائل على الملأ.

دخل الطلاب الامتحان وخرجوا سعداء بالمسائل التي نشرتها زميلتهم وجاءت بالنص، لكن «منة» كانت الوحيدة الحزينة والمتفاجئة، فهي لم تستطع حل المسائل التي تعرفها جيدًا أكثر من كل زملائها،.«كنت خايفة مش أكتر»، تقول الطالبة.

الفشل أصاب «منة» بسبب الخوف، فما التفسير النفسي والعضوي لما حدث؟ إليك الإجابة في هذا التقرير من «شبابيك».

التوتر أنواع

المذاكرة وحدها لا تكفي للنجاح، فالخوف من الفشل موجود

قد يفشل الإنسان بسبب الخوف رغم أن قدراته في أفضل حال وبإمكانه تحقيق النجاح، ويُصاب في اللحظات المهمة بالخوف ثم يفشل، وتتكرر هذه المشكلة في مواقف عديدة منها:

  • الامتحانات التحريرية أو الشفوية.

  • المقابلات الشخصية للوظيفة.

  • إلقاء الخُطب والمحاضرات.

  • المباريات بمختلف أنواع الرياضة.

الأخصائية النفسية ياسمين الناظر، تُرجع السبب في الفشل إلى التوتر المفاجئ المصاحب للخوف، والذي يصيب الإنسان قبل أي موقف مهم في حياته، فهو طبيعي ومطلوب لإعداد الشخص وتجهيزه لما سيلاقيه من تحديات.

التوتر يحرم اللاعبين من الأداء الجيد

المشكلة تبدأ حين يزيد هذا التوتر عن الحد المطلوب ويتحول إلى ضغط على المخ والجسم، وبالتالي يتأثر الأداء الحركي والعقلي، فلا يتذكر الطالب ما يعرفه من معلومات بسبب تعطل الجزء المسؤول عن التذكر، ولا يلعب الشخص الرياضي مباراته جيدًا.

المشكلة الأكبر تبدأ مع أعراض زائدة مثل ارتفاع الضغط، وزيادة عدد ضربات القلب، والعرق الشديد، وفي حالات أخرى حرجة يُصاب الإنسان بما يُسمى «نوبة هلع» ويصير التدخل الطبي ضروريًا، فبعض هذه النوبات تنتهي بموت الشخص نفسه.

قانون الجهد المعكوس

العقل لا يتبع أوامرك مباشرة، بل قد يعاكسك أحيانًا

الدكتور جوزيف ميرفي في كتابه «قوة عقلك الباطن» يفسر المشكلة بما يُسمى بـ«قانون الجهد المعكوس»، وينص هذا القانون على أن رغبة الإنسان في تحقيق شيء إذا تعارضت مع خياله فإن النصر يكون للخيال.

في حالة الامتحان مثلاً، أنت ترغب في النجاح ولكن خيالك يظن أن هذا شبه مستحيل، وبالتالي يتغلب خيالك على رغبتك ويترسخ في ذهنك أن الفشل مؤكد، فتجد المعلومات تنسحب منك رغم أنك تعرفها جيدًا.

وبنفس هذا المنطق، لا يتوقف الأمر على المواقف الهامة فقط، بل قد يُصاب الشخص بالأرق لأنه يرغب في النوم، فالعقل يركز على الأرق الذي يخاف منه صاحبه، ويسعى لتنفيذ الخيال حتى في الأمور البسيطة.

النجاح والخوف

قدمت السينما مثال عام عن الخوف من الفشل، في الفيلم الهندي «دانجال» المأخوذ عن قصة حقيقية، يحاول البطل الأساسي أن يعلم ابنته الصغيرة المصارعة الرومانية برغم صعوبة هذه اللعبة، خاصة بالنسبة لفتاة رقيقة لا تتعامل بعنف وقسوة.

تتعلم الابنة المصارعة بعد مجهود شاق، ولكي يختبرها أبوها بأفضل طريقة ممكنة، يجعلها تصارع صبيًا مفتول العضلات أمام جمهور كبير، تنفذ الفتاة أمر والدها وتتقدم لمبارزة الصبي القوي، ويحاول أحد الحضور تحذير الأب قائلاً: «انقذ ابنتك الآن قبل فوات الأوان وإلا ستخرج من المبارزة على نقالة»، ليرد الوالد قائلاً «لقد هزمت ابنتي خوفها على كل حال وهذا هو المهم».

كان الأب يشير إلى ضرورة هزيمة الخوف أولاً قبل كل شيء، وبالفعل استطاعت ابنته هزيمة كل خصومها من الذكور والإناث فيما بعد وحصلت على أول ميدالية ذهبية في المصارعة في تاريخ الهند.

العلاج أنواع

كيف يتغلب الإنسان على خوفه من الخوف إذن؟ ويتجنب هذا التوتر المفاجئ بكل درجاته؟ تشير الدكتورة ياسمين الناظر إلى أن الأمر لا يتعدى الوهم في أغلب الأحيان، ونقصان الثقة بالنفس على المدى الطويل، ولهذا تنصح «الناظر» بهذه التعلميات:

التدريب على الموقف قبل حضوره
تخيل النجاح كما تتخيل الفشل

يتوقع العقل أن الفشل قائم وبالتالي يتوتر الإنسان ويفشل، وبالتالي ينبغي فعل العكس بنفس الطريقة، فطالما أن الفشل مجرد وهم أو خيال فعلى الشخص أن يتخيل النجاح.

اجلس ببساطة منفردًا، وتخيل نفسك في الامتحان أو المقابلة الشخصية أو المباراة، وتذكر ما بذلته من مجهود في المذاكرة أو التحضير أو التدريب، ستجد أن الطبيعي في حالتك هو النجاح وليس الفشل، وستزيد ثقتك في نفسك بالضرورة.

الجانب الروحاني مهم
الجانب الروحاني يساعدك على تجنب خواطر الفشل

لا يمكن للروحانيات كالدعاء والأذكار أن تساعدك في النجاح بلا مجهود أو سعي، كما أنها لا تتسبب أيضًا في فشلك، ولكنها في جانب الطب النفسي تساعد على طرد الوهم، وتدفعك ضد التوتر والخوف، حين تقتنع وتتذكر أن التوفيق مكتوب ومتحقق لكل مع سعى إليه.

لا تجبر نفسك
حتى في الأمور البسيطة كالأرق، حارب التوتر كي تنجح في النوم

في الأمور الأبسط مثل الرغبة في النوم أو محاولة حفظ شيء ما، لا تجبر نفسك على النوم والحفظ بالغصب، فسيبقى عقلك الباطن ضدك بهذا الشكل، ولكن اصرف التفكير عن الأرق في حالة النوم مثلاً، حتى يزول التوتر ويأتي لك النُعاس بشكله الطبيعي.

الطبيب لتجنب الهلع
في الحالات الحرجة، لا غنى عن الطبيب

إذا أصابتك الأعراض الزائدة مثل العرق الغزير، أو الضغط العالي أو نوبات الهلع الشديد، فعليك زيارة الطبيب بلا تأخير لتلقي العلاج الدوائي اللازم، بالإضافة إلى العلاج المعرفي السلوكي الذي يستهدف تعديل الفكر نفسه حتى يتوافق العقل مع الجسم.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة