اكتئاب ما بعد الولادة.. الأسباب والأعراض والوسائل العلاجية
من الطبيعي أن تشعر الأم بالسعادة والفرح بعد ولادة طفل جديد، إلا أن هناك بعض النساء يمكن أن يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة، الأمر الذي يؤثر سلبا على حالتها النفسية وعلاقتها بمولودها، ولكي تتمكن الأم من التغلب على هذه الحالة يجب أن تكون على وعي بها، لذلك نوضح تفاصيل حولها في السطور القادمة.
ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
هو نوع من الاكتئاب يصيب بعض النساء بعد ولادة طفل رضيع، يسبب الشعور بالحزن، وتغيرات في أنماط النوم والأكل، وانخفاض الطاقة، والقلق والتهيج، ويمكن أن يسبب تقلبات مزاجية شديدة وإرهاق وشعور باليأس، وشدة هذه المشاعر قد تصعب على الأم رعاية طفلها أو نفسها.
أما عن مدة اكتئاب ما بعد الولادة، فحوالي 80% من الأمهات يكون لديهن هذه المشاعر لمدة أسبوع أو اثنين بعد الولادة، وعادة ما يتلاشى في غضون أسابيع قليلة، وفي حالات أخرى يمكن أن تتطور الحالة خلال 4 إلى 6 أسابيع بعد الولادة، لكن قد يستغرق الأمر عدة أشهر حتى تظهر.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
السبب الدقيق غير معروف، ولكن هناك بعض العوامل التي قد تسهم في اكتئاب ما بعد الولادة، والتي تتمثل في:
-
التغيرات الجسدية
الهرمونات تأتي على رأس هذه التغيرات، وأثناء الحمل، تكون مستويات هرمون الاستروجين والبروجستيرون أعلى من المعتاد، وفي غضون ساعات من الولادة، تتراجع مستويات الهرمون إلى حالته السابقة، وهذا التغيير المفاجئ قد يؤدي إلى الاكتئاب.
التغيرات الجسدية الأخرى يمكن أن تشمل: انخفاض مستويات هرمون الغدة الدرقية، الحرمان من النوم، اتباع نظام غذائي غير ملائم، إساءة استخدام المخدرات والكحول.
-
العوامل العاطفية
تكون الأم أكثر عُرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة إذا كانت تعاني من اضطراب مزاجي في الماضي أو في حالة وجود تاريخ عائلي من الإصابة باضطرابات المزاج، والضغوط العاطفية يمكن أن تشمل: الطلاق، وفاة أحد أفراد الأسرة، الإصابة بمشاكل صحية خطيرة، العزلة الاجتماعية، الأعباء المادية، فقدان الدعم من الأسرة.
قد تكون الصعوبات في الرضاعة الطبيعية مرتبطة باكتئاب ما بعد الولادة، وتشير دراسة أجريت في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل إلى أن الأمهات الجدد اللائي يعانين من صعوبات في الرضاعة الطبيعية خلال الأسبوعين التاليين لولادة الرضيع يكون لديهن خطر أعلى للإصابة به بعد شهرين.
الأعراض المصاحبة لاكتئاب ما بعد الولادة
على الرغم من أنه من الطبيعي الشعور باضطراب المزاج والتعب بعد الولادة، إلا أن اكتئاب ما بعد الولادة يتجاوز ذلك بكثير، وتكون أعراضه شديدة ويمكن أن تتداخل مع قدرة الأم على أداء المهام المطلوبة منها، ورغم أنها تختلف من حالة لأخرى أو حتى يوما بعد يوم، إلا أن هناك بعض العلامات والأعراض العامة، هى:
- الشعور بالحزن أو البكاء كثيرا، دون معرفة السبب
- مزاج سيئ يدوم لفترة أطول من أسبوع
- عدم القدرة على النوم رغم الشعور بالانهاك
- النوم كثيرا
- فقدان الشهية أو تناول الطعام بكثرة
- الشعور بالعديد من الأوجاع أو الآلام
- عدم معرفة سبب الغضب أو القلق
- تغير الحالة المزاجية فجأة دون سابق إنذار
- صعوبة تذكر الأشياء
- عدم القدرة على التركيز أو اتخاذ قرارات بسيطة
- الشعور بالذنب
- فقدان الشعور بالمتعة حتى عند ممارسة الأنشطة المحببة
- الشعور بالانفصال عن الطفل، والتساؤل عن سبب عدم الشعور بالفرح
- كل شئ يبدو كئيبا
- الرغبة في الهرب من الجميع ومن كل شئ
- أفكار حول إيذاء النفس أو الطفل
من الأعراض الأخرى التي يمكن أن تعاني منها الأم بسبب اكتئاب ما بعد الولادة: الصداع، آلام في المعدة، عدم وضوح الرؤية، فقدان الرغبة الجنسية، نوبات الهلع، التعب المستمر، مشاكل التركيز، انخفاض الدافع.
في الغالب تبدأ الأعراض في غضون أسابيع قليلة من الولادة، وفي بعض الأحيان، لا يظهر الاكتئاب بعد الولادة إلا بعد شهور، وقد تتراجع الأعراض لمدة يوم أو يومين ثم تعود، وبدون علاج، قد تستمر الأعراض في التفاقم.
تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة
يسأل الطبيب الأم، إذا كانت قد شعرت بانخفاض الحالة المزاجية أو الاكتئاب أو اليأس خلال الشهر الماضي، وما إذا كانت تعاني من: مشاكل النوم، مشاكل في اتخاذ القرارات والتركيز، مشاكل الثقة بالنفس، التغيرات في الشهية، القلق، التعب والإحجام عن المشاركة في أي نشاط بدني، الشعور بالذنب، الأفكار الانتحارية.
إذا كانت الأم تفكر في إيذاء نفسها أو الرضيع، فهذا يعني إصابتها باكتئاب شديد، ويمكن أن يطلب الطبيب إجراء بعض الاختبارات التشخيصية، مثل:
- اختبارات الدم، لتحديد ما إذا كانت هناك أي مشاكل هرمونية، كالتي تسببها الغدة الدرقية غير النشطة أو فقر الدم.
- إجراء فحص الاكتئاب، ويتضمن ذلك ملء استبيان.
- إجراء اختبارات أخرى، إذا لزم الأمر، لاستبعاد الأسباب الأخرى للأعراض الظاهرة.
علاج اكتئاب ما بعد الولادة
هناك نوعان من العلاجات الرئيسية لاكتئاب ما بعد الولادة، يمكن استخدام أي منهما بمفرده، لكن استخدامهما معا يمكن أن يكون أكثر فاعلية، هما:
-
الأدوية
تتمثل في تناول مضادات الاكتئاب، وهى لها تأثير مباشر على الدماغ، وقد يستغرق الأمر عدة أسابيع من تناول الدواء قبل ملاحظة اختلاف في الحالة المزاجية.
يمكن أن تظهر بعض الآثار الجانبية لمضادات الاكتئاب في بعض الحالات، مثل: التعب، انخفاض الدافع الجنسي، الدوخة، وإذا زادت هذه الأعراض سوءا يجب إخبار الطبيب على الفور.
بعض مضادات الاكتئاب تكون آمنة أثناء الرضاعة الطبيعية، لكن البعض الآخر لا يكون كذلك، لذلك لا بد من إخبار الطبيب في حالة إرضاع الطفل.
-
العلاج النفسي
يمكن للطبيب النفسي أو غيره من متخصصي الصحة العقلية تقديم المشورة، حيث يساعد العلاج النفسي، الأم في فهم الأفكار المدمرة ويقديم استراتيجيات وحلول للتغلب على ما تعاني منه.