تشي جيفارا
جيفارا.. قصة ثائر في غير وطنه
«إنّني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني» هذا ما قاله جيفارا عن نفسه، وهذا ما عبر عنه.
الطبيب والكاتب وزعيم حرب العصابات والقائد العسكري ورجل الدولة، تشي جيفارا، قائد الثورة الكوبية، الذي عُرف بأنه أشهر ثائر في التاريخ.
اسمه الحقيقي أرنستو لينش، إلا أن هذا الاسم غير معروف لكثيرين، بينما يعد «جيفارا» الاسم الذي يرادف النضال من أجل الحرية بالنسبة للبعض، ويعادل المذابح بالنسبة لآخرين.
رحلة بالدراجة النارية
قرر جيفارا هو وصديقه ألبيرتو غرانادو، السفر عبر أمريكا اللاتينية بدراجة نارية، أدت تلك الرحلة إلى تكوين شخصيته وإحساسه بوحدة أمريكا الجنوبية والظلم الواقع على صغار المزارعين. ورأى أن الحل هو ثورة عمالية وهو ما آمن به وسعى لتحقيقه طوال حياته القصيرة.
التقى جيفارا براؤول كاسترو، الأخ غير الشقيق لفيدل كاسترو، وقرروا الثلاثة الإنضمام للثورة الكوبية في الخمسينيات، وكانت أولى الخطوات هي الهجوم على كوبا من المكسيك عبر غرانما، جامعين جيش من 82 رجلا فقط.
وما أن هجم الجيش الصغير على سواحل كوبا، حتى هاجمهم جيش باتيستا المدعوم من الحكومة الأمريكية، وقتل منهم 60 رجلا. وتلك المرة الأولى التي رمى فيها جيفارا أدوات الطبيب ليمسك الذخيرة ويقاتل مع رفاقه.
«باتيستا» كان رئيسا لكوبا، أدى حكمه الديكتاتوري لانهيار الأوضاع في كوبا، وظهور الجريمة المنظمة وإطلاق العنان للشركات الأمريكية للتحكم في الاقتصاد، ما أدى إلى تكوين طبقة عريضة مناهضة لحكمه في البلاد.
وتقديرا لدوره في الثورة الكوبية، منح جيفارا الجنسية الكوبية وتم تعيينه مديرا للمصرف المركزي، ثم وزيرا للصناعة، وكان جيفارا أثناء توليه حقيبة وزارة الصناعة ينزل إلى المصانع ليعمل بجانب العمال.
هذا موطنه
«الثورة تتجمد، والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون فوق الكراسي، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة داخلي»، إثر هذا ولهذا استقال جيفارا من مناصبه في كوبا، وقرر الرحيل إلى الكونغو لخلق ثورة جديدة، مستغلا خبرته في حرب العصابات، لكن ثورته قدر لها الفشل لعدم تعاون الجيش معه. «فأينما وجد الظلم فهذا موطنه».
في الستينيات وبعد فشله في الكونغو، انتقل جيفارا إلى بوليفيا، وكون ما سمي بـ«جيش التحرير الوطني»، ضم 50 فردا، لكنه فشل أيضا بسبب مساعدة أمريكا للجيش البوليفي سيء التدريب، كما أن تفضيله القتال على الحل السلمي، لم يمكنه من تكوين علاقات مع القيادات المحلية لدعمه.
جيفارا خلال رحلته الثورية ما بين بوليفيا وبيرو والإكوادور وبنما وكوستاريكا ونيكاراجوا وهندوراس والسلفادور والمكسيك، وقيادته للثورة الكوبية، أقام مصانع لتصنيع القنابل اليدوية، وبنى أفران لصنع الخبز ودرس للمجندين الجدد التكتيكات ونظم المدارس لتعليم الفلاحين الأميين القراءة والكتابة، وعلاوة على ذلك أنشأ العيادات الصحية وورش عمل لتعليم التكتيكات العسكرية وصحيفة لنشر المعلومات.
«لا تحزني يا أمي إن مت في غض الشباب، غدا سأحرض أهل القبور واجعلها ثورة تحت التراب».. قال جيفارا هذا قبل أن يموت بفترة قصيرة، حيث لقي حتفه على يد القوات الأمريكية والبوليفية، بمساعدة مخبر اندث وسط فرقة جيفارا يدعى فيليكس رودريغيز.
يقول أحد الضباط البوليفيين ويدعى نينو غوزمان،: «تشي رفع رأسه عاليا ونظر للجميع مباشرة ولم يسأل عن شيء إلا الدخان» وأنه كان رافضا التحدث للقوات الأمريكية وتحدث للبوليفيين فقط في هدوء، وطلب جيفارا مقابلة سيدة كانت تعمل مدرسة بالمدرسة المحتجز فيها، وعندما قابلته قالت «شكا جيفارا عن الحالة السيئة للمدرسة وأنها مضادة للتربية وقال في حين أن المسؤولين الحكوميين يحصلون على سيارات مرسيدس هذا هو ما نحاربه».
وأمر الرئيس الوليفي بقتل جيفارا، فتم قتله بـ9 أعيرة نارية، وأخفت الحكومة جثته في مكان سري حتى الآن (غير معروف ما إن كانت جثته دفنت أو أُحرقت). وبعدما أُعدم جيفارا، قام طبيب عسكري ببتر يديه، حيث أرسلت إلى بيونيس آيريس ليتم مقارنة البصمات بتلك التي تحتفظ بها الشرطة الأرجنتينية في ملف خاص به. فيما بعد، نُقلت يداه إلى كوبا.
أقيم لجيفارا الذي ولد في 14 يونيو عام 1928 بالأرجنتين، وتوفى في 9 أكتوبر 1976، فيما بعد تمثال بالأرجنتين، ويعتبره البوليفيون قديسا، وأصبح رمزا لأيقونة الثورة.