الشعر الأندلسي.. هكذا عبر الشعراء عن العصر الذهبي للمسلمين
في فترة الخلافة الأموية، فتح المسلمون الأندلس «إسبانيا والبرتغال» وحكموها نحو ثمانية قرون قبل أن يخروجوا منها بسقوط غرناطة، آخر معاقل المسلمين فيها. وكان الشعر الأندلسي معبرا عن العصر الذهبي الذي ساد فيه المسلمون وقتها.
والعصر الذهبي للأندلس، هي تلك الفترة التي يحددها المؤرخون بداية من سنة 710 وحتى 961 من الميلاد، والتي تصل لستة قرون تقريبًا، وكما ازدهرت أحوال المسلمين في العصر الذهبي سياسيًا وعسكريًا، اذدهرت فنيًا بما يُعرف بالشعر الأندلسي الذي صار له طابعه الخاص والعذب.
إليك مختارات من أهم أبيات الشعر الأندلسي في العصر الذهبي.
طارق بن زياد
رجل الحروب العسكري المسلم، والذي قاد الفتح الإسلامي لدولة الأندلس، وكان في نفس الوقت شاعرًا محنكًا، وله أبيات في البحر نسبت إليه تقول:
ركبنا سفينًا بالمجاز مقيرًا
على أن يكون الله منا قد اشترى
نفوسًا وأموالاً وأهلا بجنة
إذا ما اشتهينا الشيء فيها تيسرا
ولسنا نبالي كيف سالت نفوسنا
إذا نحن أدركنا الذي كان أجدرا
عبد الرحمن الداخل «صقر قريش»
عند قيام الدولة العباسية بعد إسقاط الأموية، فر منها «عبد الرحمن بن معاوية» إلى الأندلس ليكمل الحكم الأموي فيها، وحين دخلها سُمي بالداخل وبالفعل سيطر على الحكم هناك وأبقاه لقرون أخرى حتى ظلت الخلافة الأموية في الأندلس فقط.
ومن أشعاره:
تبدت لنا وسط الرصافة نخلة
تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
فقلت شبيهي في التغرب والنوى
وطول التنائي عن بنيّ وعن أهلي
نشأت بأرض أنت فيها غريبة
فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي
سقتك غوادي المزن في المنتأى الذي
يسُحُّ، ويستمري السماكين بالوبلِ
حسانة التميمية
كان أبوها الحسن التميمي، شاعرًا في بلاط «الحكم بن ناصر» المستنصر بالله ثاني أمراء الدولة الأموية في الأندلس، ولها شعر رقيق أرسلته للمستنصر بعد موت أبيها تقول فيه:
إني إليك أبا العاصي موجعة
أبا الحسين سقته الواكف الديم
قد كنت أرتع في نعماه عاكفة
فاليوم آوى إلى نعماك يا حكم
أنت الإمام الذي انقاد الأنام له
وملكته مقاليد النهي الأمم
ابن هانئ الأندلسي
هو أهم شعراء في الأندلس في عصره، لدرجة تسميته بمتنبي الغرب لأنه عاصر الشاعر الشهير «أبو الطيب المتنبي»، وله أشعار في مدح الخليفة المعز لدين الله وتذكر خيبة بني أمية، يقول فيها:
ألؤلؤٌ دمع هذا الغيث أم نقط
ما كان أحسنه لو كان يلتقط
بين السحاب وبين الريح ملحمة
قعاقع وظُبى في الجو تخترط
كأنه ساخط يرضى على عجل
فما يدوم رضى منه ولا سخط
الحكم بن هشام
هو حفيد عبد الرحمن الداخل، وثالث أمراء الدولة الأموية، استطاع القضاء على كل محاولات الثوار في عصره، خاصة الثورة المعروفة بوقعة الربض، حين هاجم أهل قرطبة قصر الحكم، فلم يتحرك من سريره وإنما بعث فقط بحلفاؤه فقاتلوهم وصلب منهم 300 رجل أمام قصره.
يقول في شعره بعد الواقعة:
رأيت صدوع الأرض بالسيف راقعا
وقدما رأيت الشعب مذ كنت يافعا
فسائل ثغوري هل بها اليوم ثغرة
أبادرها مستنضي السيف دارعا
وشافه على أرض القضاء جماجما
كأقحاف شريان الهبيد لوامعا
ابن عبد ربه
من أشهر أرباب الأدب والشعر بالأندلس، وصاحب كتاب «العقد الفريد» الذ يعد من أمهات الكتب، كما أن له مجموعة من اشعار الزهد سميت «الممحصات»
يقول في مدح عبد الرحمن الناصر لدين الله، الحاكم الثامن في الأندلس:
والحَربُ ولَو عَلِمت بأساً تَصُولُ به
ما هيَّجَت من حُمّيّاكَ الذي اهتَاجا
مَاتَ النِفاقُ وأعطَى الكُفرُ ذِمَّتَهُ
وذَلَّت الخَيلُ إلجاماً وإسراجا
وأصبَحَ النَّصرُ معقوداً بِألوِيةٍ
تَطوى المَرَاحِلَ تَهجِيراً وإدلاجا
إنَّ الخِلافةَ لن تُرضَى وَلا رُضِيَت
حتَّى عَقَدتَّ لها في رأسِكَ التَّاجا