17 عاما على أحداث 11 سبتمبر.. كيف بعثر جنود ابن لادن أوراق الشرق والغرب؟
في صباح شتوي مشمس، كعادة أيام سبتمبر، كان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش جالسا في صالون مدرسة أطفال بمدينة سارسوتا في ولاية فلوريدا، ينتظر موعد لقائه بتلاميذها، حين شاهد في تليفزيون قريب طائرة صغيرة تصطدم بالمبنى الأول، في وقت كان مدير المدرسة يطلب منه الدخول للقاء الأطفال.
شاهدها بوش، وهو يهم لملاقاة الأطفال، حتى اقترب منه أحدهم وأخبره همسًا بأنها ارتطمت بالبرج الشمالي، فتغيرت ملامحه بعض الشيء، وظنها حادثة صغيرة تعرضت لعطل تلاه حادث، لكن برؤيته انحراف الطائرة ثانية نحو البرج الجنوبي، أدرك أن ما يحدث هو عمل إرهابي أكيد.
هكذا استقبل بوش الحدث الذي غير مجريات العالم وبعثر أوراقه في 11 سبتمبر 2001، حين أعلن رفاق أسامة بن لادن قبل 17 عاما استهداف برجي مركز التجارة العالمي بمانهاتن ومقر البنتاجون بواشنطن، الحادث الذي خلف وراءه ٢٩٧٣ ضحية، منهم ٢٤ مفقودا، فضلاً عن آلاف الجرحى والمصابين بأمراض مختلفة.
تايم لاين.. ماذا حدث؟
وفق الرواية الرسمية للحكومة الأمريكية، فإن ١٩ شخصا على صلة بتنظيم القاعدة نفذوا هذه الهجمات بطائرات مدنية اختطفت صباح 11 سبتمبر.
انقسم منفذو العملية إلى أربع مجموعات ضمت كل منها شخصا تلقى دروسا في معاهد الملاحة الجوية الأمريكية، وتمت أول هجمة في حوالى الساعة ٨:٤٦ صباحا بتوقيت نيويورك، حيث اصطدمت إحدى الطائرات المخطوفة بالبرج الشمالى من مركز التجارة العالمى.
بعدها بـ17 دقيقة فى حوالى الساعة ٩:٠٣ اصطدمت طائرة أخرى بالبرج الجنوبى، وبعد ما يزيد على نصف الساعة اصطدمت طائرة ثالثة بمبنى البنتاجون، أما الطائرة الرابعة فقد تحطمت قبل الوصول لهدفها.
قدرت الخسائر الاقتصادية في الأسابيع الأولى التي تلت الهجمات بنحو 123 مليار دولار. الخسائر الناجمة عن الأضرار التي لحقت بمركز التجارة العالمي والبنايات المحيطة به، إلى جانب مرافق مترو الأنفاق، قدرت بحوالي 60 مليار دولار.
كيف خطط ابن لادن لضرب أمريكا؟
استطاع 19 شابا ينتمون لتنظيم القاعدة وأميره أسامة بن لادن بينهم 15 سعوديا و4 آخرين من مصر ولبنان والإمارات، تنفيذ العملية الإرهابية الأخطر في القرن الـ21.
وكشفت التحقيقات أن المصري محمد عطا كان قائدا للمجموعة التي اختطفت إحدى طائرات الموت التي اصطدمت بأحد برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، بحسب السلطات الأمريكية وتنظيم القاعدة.
ورغم اتهام واشنطن لتنظيم القاعدة بالوقوف وراء الحادث فور وقوعه وإعلان الناتو مباركة الحرب على أفغانستان، مقر التنظيم الجهادي، ظل التنظيم صامتا 8 أشهر كاملة حتى أعلن في 17 إبريل 2002 مسؤوليته عن التفجير الضخم الذي هز نيويورك.
وقال الناطق باسم القاعدة سليمان أبو غيث في شريط مصور: «استطعنا ان نضرب رأس الكفر في عقر داره، نحن ما صنعنا بدعة نحن قدمنا ما أمرنا الله سبحانه وتعالى به».
لكن بعد عام بالتمام والكمال على مرور الحادث، تحدث ابن لادن في تحقيق تلفزيوني خطير أجراه يسري فودة لصالح قناة الجزيرة، بعد اختياره من قبل أعضاء تنظيم القاعدة للحديث لأول مرة عن زلازل 11 سبتمبر.
عرضت القناة التلفزيونية صورة لابن لادن أتبعتها على الفور بتسجيل صوتي ذكر فيه هذا الأخير أسماء بعض منفذي الاعتداءات، ومنهم محمد عطا ،الذي كما قال عنه: إنه قائد المجموعة، من أرض الكنانة، من مصر. دمر البرج الأول في مركز التجارة العالمي في نيويورك.
يواصل بن لادن الحديث عن جنوده: «زياد الجراح، من لبنان، ومروان الشحي، من الإمارات، الذي دمر البرج الثاني (..) وهاني حنجور من أهل الطائف، الذي دمر مركز الدفاع الأمريكي (البنتاغون)».
وقال زعيم التنظيم: «عندما نتحدث عن غزوتي نيويورك وواشنطن نتحدث عن هؤلاء الرجال الذين غيروا مجرى التاريخ وطهروا صفحات الأمة من رجس الحكام الخائنين وأتباعهم».
الحدث صاحب الروايات المختلفة لازال يكشف ألغازه حتى وقتنا هذا، فأعلنت جمهورية إيران الإسلامية في مايو الماضي أنها سهلت مرور أعضاء القاعدة الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك.
وأقرت بذلك تصريحات معاون السلطة القضائية الإيرانية «محمد جواد لاريجاني» بأن تحركات أفراد القاعدة عبر المطارات كانت تتم تحت إشراف المخابرات الإيرانية بشكل كامل، موضحا أن رفاق بن لادن كانوا على اتصال دائم بوزارة المخابرات الإيرانية واستخدموا إيران في رحلاتهم إلى أفغانستان وسائر مناطق العالم.
هجوم 11 سبتمبر.. شهادات أهالي منفذي «غزوة منهاتن»
الخدعة الرهيبة
في كتابه «الخدعة الرهيبة» عن أحداث 11 سبتمبر، يشكك الصحافي الفرنسي «تييري ميسان» في رواية البيت الأبيض الرسمية لهذه الأحداث، وطرح الكثير من الأسئلة حول المستفيدين منها ومخططيها ومنفذيها.
في الجزء الأول الذي حمل عنوان «إخراج دموي"، يقول «ميسان» إن الانفجارات التي تسببت بانهيار برج التجارة العالمي في نيويورك وبانهيار جزء من مبنى البنتاجون غريبة، ومستحيلة الحدوث.
بحسب ميسانن فالانهيار العمودي للأبراج 1، 2، 7 غريب، ولاسيما وأن رجال الإطفاء أكدوا حدوث عدة انفجارات، مما لا يستبعد فرضية استخدام مواد متفجرة عن سابق قصد وتصميم.
ويعرج للحديث عن استهداف مبنى البنتاجون، قائلا: «ألم تستطع أنظمة الصد الجوي التدخل في الوقت المناسب لإنقاذ الموقف، وعدم تشغيل أنظمة الدفاع المضادة للطيران، وعدم العثور على أي بقايا من الطائرة خارج مبنى البنتاجون، وعدم إيجاد أي دليل لاستخدام طائرة من طراز بوينج في الهجمة».
ولا يصدق «ميسان» أيضا الرواية الرسمية التي أفادت بتبخر الطائرة والتي تم تكذيبها من قبل فدرالية الطيران المدني التي أفادت بأن الطائرة اختفت نهائياً فوق محمية طبيعية على بعد 500 كلم من واشنطن.
كما يقول «ميسان» أيضا، إنه من الغريب ألا تقدم السلطات الأمريكية شرائط فيديو عن حادث ارتطام الطائرة رغم أن مبنى البنتاجون مجهز بكاميرات مراقبة.
في الكتاب الذي تعرض لانتقادات من الرافضين لنظرية المؤامرة، يوجه «ميسان» أصابع الاتهام إلى الإدارة الأمريكية نفسها التي اختلقت هذه الدسيسة لتغيير مجرى الأحداث، معتبرا أن التفجير ليس من صنع إرهابيين دخلاء.
ويستند في ذلك إلى أن الحرب على أفغانستان وإسقاط حكم صدام حسين في العراق جرى التحضير لهما مسبقا، وأتت أحداث 11 سبتمبر كذريعة لبدءها، معتبرا أن الحرب على الإرهاب ما هي إلا حيلة لتقليص الحريات في الولايات المتحدة والدول الحليفة لها.
ابن لادن عميل؟
في الجزء الثالث بعنوان «حملة الإمبراطورية» يعتبر «ميسان» أن ابن لادن ليس سوى عميل أمريكي لم يتوقف في ذاك الوقت عن العمل لحساب أجهزة المخابرات الأمريكية، وأن صلات عمل وتعاون كبيرة كانت تربط بين عائلته وعائلة بوش.
غير أن رواية الكاتب الفرنسي تبقى مجرد رأي يستبعده كثيرون وترفضه الإدارة الأمريكية وتنظيم القاعدة.