بحث عن الزيادة السكانية والأمن الغذائي
مع بداية عام 2020 بلغ تعداد سكان مصر 100 مليون نسمة رسميًا، ومن المتوقع أن يتزايد العدد بشكل كبير خلال السنوات القادمة، الأمر الذي يُنذر بتفاقم مشكلة الزيادة السكانية، لذلك هناك حاجة مُلحة لإجراء بحث عن الزيادة السكانية والأمن الغذائي لتناول المشكلة من أجل فهم آثارها الإيجابية والسلبية مع محاولة إيجاد بعض الحلول لها.
تعريف الزيادة السكانية
الزيادة السكانية هى عدم التوازن بين عدد السكان والموارد والخدمات المتاحة، وهذا يعني أن الزيادة السكانية ليست مجرد رقم محدد، بل علاقة بين السكان والموارد المتاحة في البلد.
أسباب الزيادة السكانية
تتعدد أسباب الزيادة السكانية بشكل كبير، نوضح عددًا من هذه الأسباب فيما يلي:
-
الانخفاض في معدل الوفيات
الزيادة الطبيعية للسكان هى الفرق بين معدل المواليد الإجمالي ومعدل الوفيات في السكان، فإذا كان عدد الأطفال الذين يولدون كل عام يساوي عدد البالغين الذين يموتون سيستقر السكان، وتظهر مشكلة الزيادة السكانية عند زيادة أعداد المواليد عن معدل الوفيات.
تعد معدلات المواليد في مصر مرتفعة بشكل عام، ويرجع ذلك إلى ارتفاع نسب الفقر التي تدفع الأسر إلى إنجاب المزيد من الأطفال لمساعدتهم اقتصاديًا وزيادة نسبة الأمية وزواج الأطفال دون 18 عامًا والبطالة خاصة بين النساء.
أما معدلات الوفيات في مصر كانت مرتفعة في النصف الأول من القرن العشرين كانت مرتفعة حتى بلغت 27.8 في الألف لعام 1952 ثم بدأت في الانخفاض بشكل سريع حتى وصلت إلى 6.1 في الألف لعام 2012 وهو معدل منخفض على المستوى العالمي.
-
خدمات طبية أفضل
التقدم في المجال الطبي ساعد في الوصول إلى العديد من الاكتشافات التي ساهمت في القضاء على مجموعة كبيرة من الأمراض، حيث عولجت الأمراض التي أودت بحياة الآلاف بسبب اختراع اللقاحات، الأمر الذي قلل من معدل الوفيات أيضًا في الوقت الذي يتزايد فيه عدد المواليد.
-
التقدم التكنولوجي في علاج مشاكل العقم
مع التقدم التكنولوجي والمزيد من الاكتشافات في العلوم الطبية، أصبح من الممكن للزوجين غير القادرين على الإنجاب الخضوع لوسائل مختلفة لعلاج العقم وتأخر الإنجاب، وهناك أدوية فعالة يمكن أن تزيد من فرص الحمل وتؤدي إلى ارتفاع معدل المواليد.
-
الأمية وقلة الوعي
معظم الدول النامية، ومن بينها مصر، لديها عدد كبير من الأميين والذين يعيشون تحت خط الفقر ولديهم معرفة قليلة أو معدومة حول تنظيم الأسرة وغير قادرين على فهم الآثار الضارة للزيادة السكانية ونقص التعليم يدفعهم إلى عدم الالتزام بتنظيم الأسرة، كما يلجأون في الغالب إلى تزويج أبنائهم في سن مبكر، ما يزيد من فرص إنجاب المزيد من الأطفال.
-
الهجرة
تأتي الهجرة ضمن الأسباب التي تؤدي إلى الزيادة السكانية، سواء الهجرة الخارجية أو الداخلية، وبالنسبة لمصر أدت الهجرة الداخلية من المدن الطاردة للسكان مثل الصعيد والدلتا إلى المدن الجاذبة للسكان كالقاهرة والاسكندرية، ما أدى إلى جعلها مكتظة بالسكان وتزايد الضغط على الخدمات المقدمة فيها وظهور مشكلات جديدة كتدهور المرافق وتلوث البيئة وزحف المباني على الأراضي الزراعية المحدودة وانتشار العشوائيات.
بحث عن السياحة في مصر
الآثار الإيجابية للزيادة السكانية
-
زيادة الموارد البشرية
رغم التطور التكنولوجي وظهور الكثير من الآلات والمعدات التي قللت من تدخل العنصر البشري إلا أن الكثير من الأعمال والصناعات لا تتم إلا بوجود موارد بشرية كافية للقيام بها، سواء في الزراعة أو الصناعة أو غيره.
-
زيادة القوة العسكرية
إذا تمكنت الدولة من السيطرة على عدد سكانها الكبير، فيمكن أن يكون لها ميزة عسكرية كبيرة على البلدان الأصغر، كما أن وفرة العنصر البشري أمر هام لتحقيق الانتصار في حالة الحرب.
إذا كان الاقتصاد مستقرًا وكانت الحكومة قادرة على إدارة العدد المتزايد من الأشخاص بشكل صحيح ستزداد قوتها العسكرية جنبًا إلى جنب مع الإمدادات العسكرية. بالإضافة إلى أن الزيادة السكانية يمكن أن تؤدي إلى زيادة في التكنولوجيا، ما سيسمح بإنتاج أسلحة ومنتجات عسكرية أكثر تعقيدًا.
-
منتجات أرخص وأكثر سهولة
وجود المزيد من الأشخاص المستعدين للعمل يعني أنه سيكون هناك المزيد من السلع والخدمات المتاحة للناس، خاصة مع لجوء الكثير منهم إلى المشروعات الحرفية أو الأعمال التجارية الخاصة، وبالتالي سيكون هناك عرض كبير ومن ثم ستنخفض الأسعار وستصبح أشياء معينة أكثر بأسعار معقولة.
بحث عن الطاقة ومصادرها
الآثار السلبية للزيادة السكانية
رغم الإيجابيات السابقة إلا أن المشكلة السكانية في مصر يترتب عليها العديد من المشاكل والآثار السلبية، مثل:
-
نقص الغذاء
تؤدي الزيادة السكانية إلى زيادة الطلب على السلع الاستهلاكية، خاصة الغذائية بحيث لا تفي المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية حاجة السكان، لذلك تلجأ الدولة إلى استيراد المحاصيل الغذائية.
-
نقص نصيب الفرد من المياه
يبلغ نصيب الفرد من المياه حوالي 750 مترًا مكعبًا سنويًا وهو أقل من حد الفقر المائي ما يؤثر على كثير من الأنشطة الاقتصادية، أهمها الزراعة واستصلاح الأراضي.
-
المشكلات الاجتماعية
يترتب على الزيادة السكانية العديد من المشكلات الاجتماعية منها:
-
ازدحام المدن وظهور العشوائيات
يعتبر من أهم المشكلات حيث تؤدي الزيادة السكانية في مصر وما يرتبط بها من هجرة السكان من الريف للمدن إلى تضخم حجم المدن وانتشار العشوائيات وهى عبارة عن تجمعات عمرانية تظهر في المدن الكبرى غير مخطط لها عمرانيًا وتفتقر للخدمات الصحية والمياه النقية والصرف الصحي وشروط السكن الصحي الآمن.
-
الفقر
يعاني نسبة كبيرة من سكان مصر من انخفاض مستوى المعيشة، حيث أن 40% من عدد السكان دون مستوى الحد الأدنى للمعيشة، ويعني ذلك زيادة معدلات الفقر.
-
الأمية
تعاني مصر من انتشار الأمية بين الفئات الأكثر من عشر سنوات وتزداد بين سكان الريف عن سكان المدن بسبب زيادة عدد الحرف التي لا تحتاج تعليمًا كالزراعة، ومن أسباب انتشارها ارتفاع معدلات الفقر وعمالة الأطفال وسوء توزيع الخدمات التعليمية.
-
البطالة
هى وجود نسبة مؤثرة من شباب المجتمع خارج قوة العمل، ومن أهم أسبابها قصور النمو الاقتصادي عن ملاحقة النمو السكاني نتيجة لعجز المدخرات المحلية عن تمويل الاستثمارات اللازمة لتوفير فرص العمل.
-
الإدمان وتعاطي المخدرات
ترتبط مشكلة الإدمان بالفقر والبطالة وقد زادت المشكلة في الفترة الأخيرة لذلك لا بد من مواجهتها لأن الإدمان يرتبط بارتكاب المزيد من الجرائم.
بحث عن الصحة العامة في مصر
العلاقة بين الزيادة السكانية والأمن الغذائي
العلاقة بين الزيادة السكانية والأمن الغذائي هى علاقة عكسية، فكلما زادت قل الأمن الغذائي والعكس صحيح، أي كلما قل عدد السكان زاد الأمن الغذائي.
يرجع ذلك إلى أن تزايد أعداد السكان يعني ارتفاع الطلب على السلع الغذائية المختلفة، الأمر الذي يؤدي إلى عدم كفاية السلع الأساسية، كالحبوب واللحوم، لحاجة السكان، الأمر الذي يدفع الجهات المسؤولة إلى استيراد المحاصيل من الخارج لتوفير الاحتياجات الأساسية لسكانها.
يؤدي ذلك إلى حدوث ما يُعرف بالفجوة الغذائية وهى الفرق بين الإنتاج المحلي والمتاح للاستهلاك من السلع الغذائية، وزيادة الفجوة الغذائية يُضعف الدولة لأنها تصبح عاجزة عن توفير الاحتياجات الغذائية للسكان وبالتالي يزداد اعتمادها على الخارج لسد الفجوة الغذائية، ما يعرضها للتبعية الاقتصادية للدول المصدرة لها.
كل ذلك يمكن أن يعرض الأمن القومي المصري للخطر والتهديد، لأن الأمن الغذائي من أهم أركان تحقيق الأمن القومي، كما يمكن أن تؤثر هذه التبعية على القرار السياسي للدولة وتقيده وتزيد من فعالية استخدام سلاح الغذاء من جانب الدولة المصدرة له أو المانحة للمعونات الغذائية.
حدث ذلك في مصر بعد حرب يونيو 1967 عندما وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على وقف اتفاقيات فائض المحاصيل الزراعية لمصر كعقوبة سياسية لها بحجة قيامها بأعمال عدوانية ضد الولايات المتحدة وأصدقاؤها.
بحث عن الماء وفوائدة وكيفية ترشيد الاستهلاك
مقترحات لحل مشكلة الزيادة السكانية
من الممكن التغلب على مشكلة الزيادة السكانية في مصر، عن طريق:
-
تعليم أفضل
تعليم المواطنين يساعدهم في فهم الحاجة إلى إنجاب طفل أو طفلين على الأكثر، لأنه يسهم في زيادة وعيهم بمخاطر الزيادة السكانية وآثارها السلبية المختلفة، لذلك يجب الحرص على توفير فرص التعليم لمختلف السكان، خاصة الموجودين في الأقاليم والقرى التي يقل الاهتمام بتعليم الأطفال فيها أو يزداد فيها ظاهرة التسرب من التعليم.
-
حملات إعلامية حول تنظيم الأسرة
رفع مستوى الوعي بين الناس فيما يتعلق بتنظيم الأسرة وإعلامهم بشأن الآثار الخطيرة بعد الزيادة السكانية يمكن أن يساعد في الحد من النمو السكاني. واحدة من أفضل الطرق هي إخبارهم عن مختلف وسائل منع الحمل المتاحة لتجنب أي حمل غير مرغوب فيه.
يجب استخدام وسائل الإعلام المختلفة في مثل هذه الحملات، المسموعة والمقرؤة والمرئية، لضمان وصول هذه الحملات التوعوية لأكبر عدد ممكن من الناس.
بحث عن البيئة والتلوث
-
حملات توعية في القرى والنجوع
لا بد من تنظيم زيارات دورية من فترة لأخرى لتوعية الناس في القرى والنجوع، وهم الأقل وعيًا، بخطورة الزيادة السكانية وأهمية تنظيم الأسرة لمواجهتها مع ضرورة التأكيد على خطورة الزواج المبكر للأطفال.
من الممكن أن يتولى طلاب الجامعات في المحافظات المختلفة مهمة القيام بهذه الزيارات التوعوية، وذلك بالتنسيق بين وزارة التعليم العالي ووزارة التضامن الاجتماعي أو الجهات المعنية الأخرى.
-
المزايا والامتيازات الضريبية
اتباع سياسات مختلفة من قبل الحكومة تتعلق بالإعفاءات الضريبية يمكن أن يكون له دور في الحد من الزيادة السكانية، فمثلًا التنازل عن جزء معين من ضريبة الدخل أو تخفيض معدلاتها للأسر التي لديها طفلين أو ثلاثة فقط قد يشجع الناس على الالتزام بتنظيم الأسرة.
رغم وجود مزايا للزيادة السكانية إلا أن آثارها السلبية لا تزال أكثر خطورة، لأن تزايد المشكلات الناجمة عنها والمتعلقة بنقص الغذاء وزيادة معدلات الجريمة كافيًا لانهيار أي دولة، لذلك يجب على الجميع التكاتف مع أجهزة الدولة من أجل نشر الوعي بخطورة هذه المشكلة والحد منها.